استمراراً لفشل مسلسل إصلاحات الحكومة المرتقب فإن الإبقاء على أزمة المشتقات النفطية إلى جانب أخواتها من الأزمات المتراكمة على قلب المواطن دون مزحزح، ما هو إلا دليل ساطع على ضعف إداري وفساد يستشري بشكل متفاقم، كما تجاوزت الحكومة المسببات الأساسية للأزمة وهو التهريب، لتتجه نحو المواطن البريء برفع فاتورة الاستهلاك المحلي من المشتقات النفطية، وحيث تزداد حاجة المواطن للوقود بصورة ملحة لتشغيل المولدات الكهربائية مع استمرار انقطاع التيار لساعات طويلة، فإنه الوحيد الذي يدفع الضريبة كاملة ولآخر مدى، فمن المعروف أن السبب الأهم في الأزمة هو ازدهار تجارة بيع المشتقات النفطية في السوق السوداء وبحسب الشرطة ضبطت عدة حالات بيع في السوق السوداء، وتؤكد تقارير صحفية أن الكميات التي تنقل من عدن إلى الحديدة عبر البحر الأحمر لا تصل إلا النسبة الأقل منها حيث يتم بيع معظم الكمية عرض البحر بصورة غير مشروعة وذلك بتواطؤ وتمريرات في ميناء الحديدة المفترض فيه تقييد ذلك في سجلاته، وتشير جميع أصابع اللوم والاتهام نحو الشركة المنتجة والمسئولين في الحكومة ذوي العلاقة، والمسألة لا تعدو عن كونها نصبا واحتيالا وتآمرا ونهبا للمال العام، عملية التهريب للدول الإفريقية بأسعار عالمية يكسب خلالها المهرب مبالغ طائلة تسبب أساساً أزمة خانقة داخل الوطن، وقد كشفت صحيفة لندنية عن الأسباب الحقيقية وراء انعدام المشتقات وأعادتها لسببين: العجز المالي الكبير، وقيام نافذين بتهريب المشتقات المدعومة إلى دول أفريقية، وأمام ذلك تقف الحكومة عاجزة عن مواجهة الحلول مع علمها بمسببات الأزمة بل تضع المواطن المغلوب يتحمل وحده كل الأضرار وأهمها الارتفاع الباهض في سعر الفاتورة، وحيث يمثل القطاع النفطي المورد الأهم في البلاد ومن أكثر القطاعات غموضاً، فلا يعرف الحجم الفعلي للصادرات، لأن كثيرا من الصادرات لا تدخل أساساً في البيانات الرسمية بحسب التقرير الاستراتيجي، فإن التلاعب والتهريب والتمرير والمحسوبية يدار بكل وضوح ليس أمام المواطن بالطبع ولكن أمام مرأى ومسمع وموافقة من الحكومة ذاتها! وحين يلمس المواطن وعن قرب عدم انفراج الأزمة مع بقاء الأسعار الباهضة للمشتقات مرتفعاً، فمن السبب وراء إشعال فتيلها واستجلاب الأطماع من أصغر مستغل لأكبر مهرب؟، تقول شركة النفط اليمنية أنه لا توجد أزمة في المشتقات ولا زيادة في أسعارها، وأنها متوفرة في جميع المحافظات ولا توجد أي أزمة! ودعت الشركة المواطنين –ولأننا دولة نظامية وقانونية لأبعد الحدود- دعت إلى الإبلاغ عن أي مخالفات أو تجاوزات تقوم بها أي محطة ببيع المشتقات النفطية بزيادة الأسعار المحددة رسمياً!!