"إجمالي المبالغ التي تخسرها الدولة، سنويا، بسبب التهرب الضريبي والجمركي، تساوي (40%) من الموازنة العامة للدولة، طبقا لرواية مستشار اقتصادي في الأممالمتحدة"!! "في ضريبة العام الماضي، على سبيل المثال، دفعت شركة (إم.تي.إن) مبلغ(10)مليار ريال، بينما شركة (سبأفون) – همزة الوصل الربحي والقطع الضريبي- لم تدفع غير( 300) مليون ريال فقط لا غير"!! يكفي هذا فقط لتدرك أن مكافحة الفساد، على الأقل بتحديث الجهاز الضريبي والجمركي، يمكن أن يوفر للدولة، في أسوأ الظروف، أكثر من (4) مليار دولار، وهو مبلغ كافٍ لإعفاء اليمن من معاناة تسول المساعدات والمنح الخارجية، ومخاطر فرض جُرع اقتصادية قاتلة على شعب يعيش أغلبه تحت خط الفقر، بدخل فردي لا يتجاوز الدولار الواحد في اليوم! لكن القائمين على الاقتصاد اليمني المنخور، بمختلف أشكال الفساد والمحسوبية، يتهربون من مواجهة الأسباب الحقيقية للانهيار، بتحميل المواطن عبء النتائج الفادحة لسياساتهم الكارثية! وكأن على هذا المواطن الغلبان، القابع تحت مستوى المعيشة الآدمية، أن يصلح ما أفسده الإصلاح والحوثي والمؤتمر.. وآل الأحمر، وعلي محسن، والزنداني واللجنة الخاصة.. والثوار والمقاتلون، والمهربون وتجار السلاح، والمرتشون والانتهازيون والمغفلون ! وقبل ذلك وبعده، ما أفسدته حكومة باسندوة، وهي تبدد ثروات البلاد بالمليارات على الإعفاءات الجمركية والتواطؤات الضريبية.. والسفريات والسياحة.. وبناء المقابر ومؤسسات تفريخ الإرهاب، ومداهنة الحبايب ومناكفة الخصوم! يحزُّ في النفس أن يدفع المحرومون من اللبن، وحدهم، ضريبة جرعة صحية لبقرة عاجفة استنزفها الفاسدون حتى الدم! في كل حال، لن تكون هذه الأزمة الاقتصادية -التي يُفترض أنه قد تم حلها بالجرعة الأخيرة- هي آخر الأزمات، كما أن هذه الجرعة الأخيرة لن تكون آخر الجرع! لم يتم مقاربة المشكلة الاقتصادية، بشكل جاد ومسؤول، ومعنى هذا أن يستمر الاقتصاد المريض بإنتاج المزيد من الأزمات، لتستمر الحكومة بفرض المزيد من الجرع. وسؤال المقام: ما الذي ستفعله الدولة لمواجهة الأزمات الاقتصادية المستقبلية، بعد أن رفعت كل الدعم عن كل السلع، ولم يعد هناك دعم يمكن رفعه لترقيع اقتصاد متهالك بشكل جذري..؟! قد يقترح أحدهم فرض ضرائب إضافية على السلع التي تم رفع الدعم عنها، لكن ومجدداً: إلى أيّ مدى ستستمر السياسة في اليمن قائمة على التهرب من معالجة الأمراض إلى معالجة الأعراض، وتحميل الشعب تبعات أخطاء النظام؟!