يعتقد الأمريكيون وحلفاؤهم ضد الإرهاب أن التغيير السياسي في اليمن سيخلق ما تسمى بالفوضى الخلاقة والصراعات التي تنهك اليمنيين وتقودهم نحو تغيير اجتماعي وفكري واقتصادي يدور في أرباح الشركات العالمية متعددة الجنسية ويخضع المواطنين لعقد اجتماعي! وهو ما يفسر اهتمامهم بمؤتمر الحوار فقط والذي صاغ من خلاله الموفنبيكيون بخبرات أجنبية العقد الاجتماعي وملامح وأطر المجتمع اليمني المتحضر بعد أن تنهكه الصراعات بحسب مقولة الرئيس الأمريكي لينكولين (حرب أهلية تقود لحقوق مدنية)! المزعج، ليس في محاولة تطبيق المراحل التاريخية لمجتمع ما على آخر يختلف معه بشكل كامل، ولا بجعل اليمن وشعبها حقل تجارب والثمن دمار ودماء وفقر وكراهية لنكون مستهلكين لمنتجاتهم وفق نظامهم ونحارب الإرهاب! وإنما في أن يكون كل هذا الدمار محاولة فاشلة لتجاربهم وخاصة بعد فشلها في دول مختلفة! صحيح أن الجزء الأول من الفوضى الخلاقة في اليمن أظهر فشل حكم الإسلام السياسي وتأثيره الأخلاقي والاجتماعي بفشل كلٍ من حكم إخوان مصر واليمن وداعش العراق، وظهور جرائم وأفعال بشعة قدمتهم بصورة سيئة، لكن بالمقابل استفاد جماعة إسلام سياسي آخر وأصبح أكثر تأثيرا وهو الإسلام الشيعي والحوثي في اليمن! ولا يختلف عن السني السياسي كثيراً إلا في كونه أكثر عداوة للخارجي واستثني جماعة الحوثي التي ظهرت كسياسية أكثر من كونها دينية! وعلى الصعيد الآخر، بدا الرئيس صالح أكثر المستفيدين من الأحداث سياسيا وشعبيا وتاريخيا وقد أرادوا طي صفحته، ولسوء مستشاريهم لم يدركوا أن "وجيه" الرجال في بلد كاليمن لا تطوى! وأن عقوباتهم لا تؤثر في بلد تعد أجمل عقاباً لأهلها ولا يملكون ما يخسروه! وهكذا لا يوجد إنجاز حققه أصدقاء اليمن من خسارة وقتهم ومالهم سوى تدمير جيشها ونخبتها وأهلها وما وجد من اقتصادها ومدنيتها! وإن انتصروا في تدمير شعبية القاعدة والمذهب السني السياسي لكن لصالح مذهب آخر! ولأن اليمن بلد المفاجآت فإنّي أتوقع أن يتعلم شركاء الوصاية الدولية على اليمن دروساً مهمة من كل الأطراف، وليس فقط في عدم تمكينهم من أهدافهم بل مواقف وواقع أسوء بكثير مما أرادوا تغييره للاستفادة منه!