لماذا فعلتَ كل ذلك بنفسك يا فخامة الرئيس؟! إنه حقاً ليحزنني ما وصل إليه حالك.. وما نتج عن مواقفك التي بدت مخيبة للآمال!! فكانت نتائجها أكثر خيبة وخسارة.. الواقع من حولك يتعرى والحقائق تنبلج والذين ساعدوك وأشاروا عليك لن يلزمهم الكثير من الوقت والجهد ليتركوك، هم أيضاً، وحيداً تواجه هذا المصير غير اللائق بمثلك وبمن هو في مقامك ومكانك.. فخامة الرئيس:. كانت كل الظروف وكل القوى وكل الصلاحيات المحيطة بك والمتوفرة لك، تخدمك لتقدم تجربة استثنائية وتخط بحضورك صفحاتٍ مشرقةً ووضاءةً، ترصِّع بها تاريخك السياسي والوطني، إلا أنك أعرضت بوجهك واهتمامك عن ذلك، وانسقت وراء مشورات وآراء الذين لا يغريهم المجد والسمو والرفعة، بقدر ما تسيل لعابهم زقاقات ودهاليز المؤامرات ونصب الشراك للآخرين، والتنصُّل عن الهويات، والتنكُّر لكل فضلٍ وخيرٍ ومجدٍ وصلوا على جسوره إلى ما وصلوا إليه.. فخامة الرئيس: عليك أن تحزن بملء إرادتك، كما نحزن نحن كشعب من أجلك الآن.. وعليك أن تراجع حساباتك، لتعتذر على الأقل لنفسك عمَّا ارتكبته تجاهها من خطايا لم يكن سواك، وفي مكانك ليرتكبها أو يقع في شراكها ومكائد من حاكوها لك أمام بدهيتك وتحت تربيت بؤبؤي عينيك اللذين زاغا عن مسارهما فأزاغاك عن مسار دربك المجدوي المفترض.. وبرضا مؤسف من قلبك وعقلك اللذين نسيا في لحظةٍ ما كل ما من شأنه أن يرتبط بالخير والمجد والسؤدد.. ليذهبا في إعصارٍ من التخبُّط المريع.. دمَّر كل وِقَاء ورجاء لك، وحرث كل الطرق البيِّنة التي كانت متاحةً لك، لتكون قائداً فذاً استثنائياً، ومُخلِّصاً فريداً لم تكن لتحيطه سوى هالاتٍ من الإبهار ونسائم من الإعجاب، لو امتثل للحظة التاريخية المتاحة.. فخامة الرئيس: كان متوفراً في الإمكان أفضل بكثيرٍ وبكثيرٍ جداً مما كان.. ولكنك تركتَ كلَّ ذلك بملء الإحاقة منك، وبكلِّ معاني النكران والنسيان..كانت أمام إرادتك فوهات خلاص إلى الخير والمجد والعزة والكرامة والوفاء للقيم والوطن والحقائق الناصعة وللنفس أيضاً.. غير أن قدميك وإرادتك وإرادات من كانوا حولك، أبت إلا أن تبحث عن أضيق ثقب في الواجهة والواقع، لتعبرَ ويُعبَرَ بك منه إلى المساحات الأكثر من ضيقة التي وصلت إليها اللحظة..