نهضت الثقافة، وانتعش المثقفون، واشتغلت المطابع، وخرجت الكتب والدواوين الشعرية إلى الضوء، وعادت مجلة الثقافة إلى الحياة بحلَّة أجمل وأزهى، وأصبح الشعراء والمثقفون يحملون كتبهم بأيديهم بعد أن كانوا يحملون عبء طباعتها، وتم تنفيذ خطة طباعة ألف كتاب، وانتعش المسرح وفرق الإنشاد، وجاء الفنانون التشكيليون من كل محافظة، رغم افتتاح بيوت كثيرة تحت مسمَّى "بيت الفن"، وقبل ذلك تم إنشاء مكتبة عامة في كلِّ محافظة، تقريباً، لاستقبال القراء والباحثين والمهتمين. وكانت معارض الفن التشكيلي تقام باستمرار، إلى جانب الفعاليات الثقافية، في بيت الثقافة صباحاً، ومساءً في المركز الثقافي الذي لم تكن تخلو خشبته من المسرحيات والقصائد وتكريم الشعراء والأدباء والفنانين. كلُّ ذلك كان طفرة هائلة في عهد الوزير المثقف خالد الرويشان، في مهرجان صنعاء عاصمة للثقافة العربية 2004، واستمر هذا النشاط إلى 2006 رغم نقص الميزانية.. بعدها انتكست الثقافة وتوقف كلُّ شيء، حتى العشب الأخضر الذي كان يكسو ساحة بيت الثقافة أصابه الجفاف، واختفى الورد ونضُبت النافورة، كأنها تعبِّر عن وضع الثقافة بعد عام 2006. لم نتفاءل أيام د. محمد المفلحي الذي أجهض الكثير من الأحلام، ولم نتطلَّع إلى الأحسن أيام د. عبدالله عوبل، إذ لا جدوى من الإدارة الناجحة في غياب الرؤية الثقافية وما تحتاج إليه البلاد من المداميك الثقافية التي تحتاج إلى شخص مُبصر ليضعها في مكانها الصحيح. الآن تولَّت أروى عثمان وزارة الثقافة، في سابقة هي الأولى لوزارة الثقافة أن تكون الوزيرة امرأة، ونائبة الوزيرة امرأة أيضاً، الشاعرة القديرة هدى أبلان.. وهما على قدر من الثقافة والإدارة العالية. أروى عثمان، سيِّدة المشاقر، تعرف جيداً ماذا تحتاج إليه البلاد في هذه المرحلة، وسنتفاءل.. ف"من وثق بماء لم يظمأ".