تفاءلنا كغيرنا من أبناء هذا الشعب المسكين بجلوس الأطراف والقوى في اليمن على طاولة واحدة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي استنزف الكثير من الوقت والجهد والمتابعة لنتائجه، وما يمكن أن يسفر عنه من نتائج للخروج باليمن من أزماتها المختلفة إلى بر الأمان كما كان يقال في وسائل الإعلام ومازلنا نسمعه لكننا لم نشاهد هذا البر ولا ذلك الأمان ولم نلمسه إطلاقاً، والدليل أن المؤتمر لم يكد ينتهي إلا وقد انطلقت الحرب المؤجلة بين بعض الأطراف ومازال أوارها مشتعلاً إلى اليوم. كما أن ما حدث منذ انتهاء المؤتمر إلى الآن يؤكد أن المؤتمر فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أهداف اليمنيين من انعقاده وفي اعتقادي أنه كان عبارة عن فرقعة إعلامية وزوبعة في فنجان لأن هناك من أراد له ذلك ولم يكن الخلل في الحوار نفسه بل في أشخاص بعينهم استفادوا منه وتركوا الشعب يئن تحت أزيز المدافع والقنابل والقذائف، وتحت رحمة الفقر والفاقة والعوز بينما ارتقوا هم إلى مناصب وكسبوا الملايين وربما المليارات وبعضهم مازال يتكسب عبر ما يقال عنها أنها أنشطة وبرامج لشرح مفاهيم ومضامين ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني للمواطنين وتوعيتهم بأهميتها. مما لاشك فيه أن الشعب لا يريد برنامج توعية بمخرجات مؤتمر فشل في إخراجه مما هو فيه ومازال يعاني أزمات اقتصادية وأمنية، بل يريد أفعالاً حقيقية واقعية ليخرج مما هو فيه وتطبيقاً عملياً لما خرجتم به إذا كانت لديكم نية لتنفيذها وليست مجرد ديكور تتكسبون من ورائه من الدول القريبة والبعيدة وتهددون خصومكم إذا لم ينفذوا رغباتكم أنكم ستعاقبونهم كونهم لم يلتزموا بمخرجات الحوار وأعتقد أن السبب يعود إلى عدم وجود رغبة صادقة لدى مجلس الأمن الدولي ومن وراءه من الدول الراعية لمبادرة الخليج التي كان يمكن أن تكون مخرجاً ملائماً للبلاد من تلك الأزمة الطاحنة التي عصفت بها لو كانت هناك نوايا صادقة من قبل الأطراف المختلفة سواء المحلية أو الدولية التي جعلت من المبادرة بعبعا لتخويف الآخرين فقط، وهذا ما ثبت فعلاً من خلال الأحداث المأساوية التي شهدتها البلاد منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم. الحروب زادت ورقعة الفقر اتسعت والأوضاع ازدادت تدهوراً وبدأت بعض الأطراف تنادي بمبادرة خليجية ثانية لاعتقادها بفشل الأولى التي لم تحقق الهدف المطلوب منها، فقد حدث التفاف كبير عليها وعلى كل ما تلاها سواء من مؤتمر الحوار أو لجنة الأقاليم أو لجنة الدستور أو هيئة تنفيذ المخرجات أو غيرها، ولهذا وصلنا إلى هذه الأوضاع الصعبة والانهيار المتتالي لكل مفاصل الدولة ومؤسساتها. في اعتقادي أننا لم نكن بحاجة لتحميل مؤتمر الحوار كل تلك القضايا الهامشية التي أثقلته وجعلته يستمر لتلك الفترة الطويلة بل كان يمكن اختصار مهمته في صياغة دستور جديد وتحديد شكل الدولة وإطار عملي لحل قضاياه الكبرى والهامة والبدء العملي لتطبيقها، لكن بعض المستفيدين خططوا ورسموا له إطارا لإفشاله وإدخال البلد في هذه الدوامة، ويمكن أن نقول لكم الآن أيها الجهابذة إذا كان لديكم نية صادقة نفذوا اتفاق السلم والشراكة الوطنية أم أنكم تنتظرون مبادرة جديدة واتفاقا جديدا يلتف على كل ما سبقه لتظلوا أنتم تستفيدون فقط وليذهب الشعب للجحيم ولتعتبروا مما حدث خلال الفترة القليلة الماضية لأن طوفان الشعب لن يرحمكم.