دخلت الأزمة السياسية أمس منحا جديداً بتقديم رئيس الجمهورية وحكومة بحاح استقالتيهما في وقت تحتضن دبي لقاء رفيع المستوى بين أنصار الله (الحوثيين) والمملكة العربية السعودية. ورحبت جماعة أنصار الله باستقالة الرئيس وفق ما نشرته وكالة رويترز، وكثفت أمس الجماعة مشاوراتها بشأن الرئيس القادم وسط ترحيب أمريكي بطي صفحة هادي، كما أبلغت جماعة أنصار الله يحيى الراعي التزامها بالدستور بشأن استقالة الرئيس. وقال مصدر سياسي مقرب من أنصار الله ل"اليمن اليوم" إن زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي مصر على طي صفحة هادي، وأن الأمريكيين من جهتهم رحبوا باستقالة هادي وأكدوا دعمهم الانتقال السلمي للسلطة. وعن الخطوة القادمة قال المصدر ذاته إن أنصار الله كانوا يأخذون في الحسبان إقدام الرئيس هادي على هذه الخطوة كورقة ضغط، مشيراً إلى أنهم على اتصال بالرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد لرئاسة مجلس رئاسي. وأضاف أن المشاورات حول خيارين الأول تشكيل مجلس رئاسي برئاسة علي ناصر محمد، والثاني مجلس عسكري برئاسة وزير الدفاع في حكومة بحاح اللواء الركن محمود الصبيحي، ومع ذلك يظل الخيار الثالث قائماً وفقاً للدستور، حيث تنقل الرئاسة لرئيس البرلمان. ولفت المصدر إلى أن وفداً من أنصار الله برئاسة محمد عبدالسلام وصل دبي والتقى وفداً رسمياً من المملكة العربية السعودية لطي صفحة هادي. وبحسب المصدر فإن لدى أنصار الله تخوفا من أن تكون الخطوة السعودية فخاً لتشطير اليمن، وهو ما يحاول أنصار الله استباقها من خلال علي ناصر محمد. حسب قول المصدر وتوقع المصدر أن يتولى المبعوث الأممي جمال بنعمر والذي وصل أمس صنعاء، إخراج المجلس الرئاسي ............ لدى الأممالمتحدة. من جهته اعتبر القيادي البارز وعض المجلس السياسي لجماعة أنصار الله يوسف الفيشي، المعروف ب(أبو مالك) استقالة هادي بشرى سارة لجميع اليمنيين، واقترح الفيشي في منشور له على صفحيته في الفيسبوك (تشكيل مجلس سياسي، مؤكداً أن اليمن مقبل على الأمن والاستقرار والسكينة والرخاء). وقدم الرئيس هادي استقالته إلى مجلس النواب مساء أمس بعد ساعتين فقط من تقديم حكومة بحاح استقالتها وبعد 48 ساعة من سيطرة أنصار الله على دار الرئاسة والحماية الرئاسية. ومن المقرر أن يعقد مجلسا النواب والشورى اجتماعاً مشتركاً طارئاً السبت للنظر في استقالة الرئيس.. واتخاذ القرار بقبول الاستقالة أو رفضها. وقال الرئيس في استقالته إنه "نظراً للمستجدات التي ظهرت منذ 21 سبتمبر 2014م على سير العملية الانتقالية للسلطة سلميا والتي حرصنا جميعا على أن تتم بسلاسة ووفقا لمخرجات الحوار الوطني التي تأخرت لأسباب كثيرة وأنتم على علم بها. وتابع: ولهذا قد وجدنا أننا غير قادرين على تحقيق الهدف الذي تحملنا في سبيل الوصول إليه الكثير من المعاناة والخذلان وعدم مشاركتنا من قبل فرقاء العمل السياسي في تحمل المسئولية للخروج باليمن إلى بر الأمان ولهذا نعتذر لكم شخصيا ولمجلسكم الموقر وللشعب اليمني بعد أن وصلنا إلى طريق مسدود". وكان الرئيس قد دخل في مفاوضات مع أنصار الله بخصوص اتخاذ القرارات التي حددها اتفاقهما أمس الأول والتي من شأنها تعيين عدد من قيادات الجماعة في أجهزة الدولة العسكرية والأمنية والمدنية وعلى رأسها تعيين نائب للرئيس. وبخلو منصب رئيس الجمهورية يتولى رئيس مجلس النواب يحيى الراعي وفقاً للدستور سلطة البلاد لمدة ستين يوماً يعمل خلالها على التحضير لانتخابات رئاسية مبكرة، غير أن مراقبين لا يرون في الواقع مهيئاً لإنجاز عملية انتخابية، الأمر الذي ينحى صوب التوافق على مجلس رئاسي. وتنص المادة (116) من دستور الجمهورية اليمنية على أنه: (في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل يتولى مهام الرئاسة مؤقتاً نائب الرئيس لمدة لا تزيد عن ستين يوماً من تاريخ خلو منصب الرئيس يتم خلالها إجراء انتخابات جديدة للرئيس، وفي حالة خلو منصب رئيس الجمهورية ونائب الرئيس معاً يتولى مهام الرئاسة مؤقتاً رئاسة مجلس النواب، وإذا كان مجلس النواب منحلاً حلت الحكومة محل رئاسة مجلس النواب لممارسة مهام الرئاسة مؤقتاً، ويتم انتخاب رئيس الجمهورية خلال مدة لا تتجاوز ستين يوماً من تاريخ أول اجتماع لمجلس النواب الجديد). وقال سلطان العتواني مستشار رئيس الجمهورية وأمين عام التنظيم الوحدوي الناصري السابق إن "الحوثيين قدموا قائمة بتعيينات لنائب رئيس وعدد من الوظائف الأخرى في كل الوزارات ابتداءً من نائب وزير، مشيراً إلى أن الرئيس رفضها وطلب مناقشة مثل هذه الطلبات لكن الحوثيين أمهلوه حتى التاسعة فقط لإعلان القرارات، واعتبروا أن وجودهم على الأرض فرض واقعا جديد يجب على الجميع أن يرضخوا له بدون مناقشة وأصروا على الضغط على تنفيذ مطالبهم". وكان المهندس خالد محفوظ بحاح قدم في الساعات الأولى من المساء استقالة حكومته إلى الرئيس هادي جاء فيها: فخامة الأخ رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي حفظكم الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. الموضوع : استقالة تعلمون أننا في حكومة الكفاءات قبلنا تحمل مسئولية قيادة اليمن وتنميتها في ظروف صعبة ومعقدة جداً. وجئنا من مختلف المجالات والتخصصات العلمية والاجتماعية من أجل أن نخدم وطننا ونساهم في إحلال الأمن والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. وبالرغم من الفترة القصيرة التي عملنا فيها منذ السابع من نوفمبر 2014م، والحصول على ثقة البرلمان في 18 ديسمبر 2014م، إلا أننا استطعنا أن نعطي الشعب والقيادة مؤشرات حقيقية تدل على ما كان يمكن أن نقدمه لهذا الوطن، ولكن يظهر بأن الأمور تسير في طريق آخر... لذا فإننا ننأى بأنفسنا أن ننجر إلى متاهة السياسة غير البناءة والتي لا تستند إلى قانون أو نظام. ويشهد الله أننا كحكومة كفاءات حاولنا ما أمكن أن نخدم هذا الشعب وهذا الوطن بكل ما استطعنا من قوة وعلم وكفاءة ومسئولية وضمير. وعندما أدركنا أن هذا لا يمكن؛قررنا اليوم أن نقدم استقالتنا لفخامة رئيس الجمهورية وإلى الشعب اليمني، حتى لا نكون طرفاً في ما يحدث وفيما سيحدث، ولا نتحمل مسئولية ما يقوم به غيرنا أمام الله وأمام الشعب. نعتذر إليك أيها الشعب اليمني الصابر، ونسأل الله أن يخرج اليمن إلى بر الأمان. خالد محفوظ عبدالله بحاح رئيس الوزراء الجمهورية اليمنية 22 يناير 2015م