السعودية من أكبر مصدري صخور الجرانيت في العالم، وإيران تصدر الفيروز، والهند تصدر البهارات، وبلدان أخرى تصدر الجبس، والاقتصاد في دولة هندوراس يعتمد على زراعة وتصدير الموز، وإسرائيل أكبر مصدر للورود والزهور إلى أوروبا، ومعظم اقتصاد هولندا يقوم على تصدير منتجات الأبقار، ومن التراب تستخرج الصين فوسفات وتصدره، ومن الصومال تأتي معظم مواد وخبرات البخور.. فهل الذين يقدرون أهمية هذه الثروات في بلدانهم ويحثون على استغلالها يقابلون من مثقفيها بهجمات، أو يمسي المثقفون يتندرون بالاقتصاد الجرانيتي، أو الاقتصاد الجبسي، أو اقصادات الورد والموز والبقر والروث؟! عندما يعتبر عبد الملك الحوثي "أحجار الزينة" ثروة يمنية، يقابل قوله بسخريات مريرة، فهذا يقول: ورجعنا للعصر الحجري، وذاك يتوقع أن أسعار الصرف ستكون على النحو التالي: حجر حبش 470 ريال، حجر أبيض 600 ريال، حجر ركن 1500 ريال، وقال ساخرون إن المستقبل للموقصين، والراتب الشهري حجرة، والتبادل الحجاري، بدل التبادل التجاري، ودار الحجر بنك مركزي جديد.. وهكذا؟.. أعتقد أن هؤلاء الساخرون لم يهتموا بالقول، بل اهتموا بقائل القول، إذ لو قال رجل رشيد آخر إن "أحجار الزينة" ثروة يمنية ينبغي استغلالها استغلالا أفضل، ما كان ليواجه بسخرية..هل نستهين بالعقيق اليمني مثلا وهو من أحجار الزينة؟ كذلك أحجار الزينة الأخرى، وهي الصخور التي يتم قطعها ونحتها وصقلها بهدف استخدامها في أغراض البناء، كالرخام والجرانيت وغيرها.. ومعروف كيف يتفنن اليمنيون في تشكيلها أشكالا مختلفة وبأحجام متنوعة، وصقلها وتلميعها، ونرى ذلك الجمال في الأحجار التي تبنى بها النصب التذكارية، والتي بها يعاد تجديد المعالم التاريخية من قلاع ومتاحف، وتلبس بها البوابات وجدران العمارات، وترصف بها الشوارع الضيقة، والساحات والميادين المعرضة للمياه باستمرار. لكل بلاد ميزة تتفرد بها، ومن مميزات بلادنا جبالها، وأحجارها، وخبرات المشتغلين بنقشها، إضافة إلى ميزات أخرى كالعقيق والبن الممتاز، فلم نستهين بميزة الأحجار، ولا نقول إنه يتعين على رأس المال الاستثمار فيها؟.. السعودية أكبر مصدر للنفط، فهل استغنت عن الاستثمار في الجرانيت، واستراليا أكبر منتج لحبوب القمح، فهل استغنت عن الثروات الأخرى، وتركيا أكثر الدول إنتاجا للبيرة، المعبر الأوسع للإرهابيين، فلم تشتغل بالسجاد؟ هل أحجار الزينة في اليمن شيء تافه؟ قبل سنوات اقترح كاتب إيجاد طريقة حديثة لتحويل القات إلى مشروب، يصنع ويعلب، ويصدر مثله مثل البيبسي والكوكا كولا والكندا دراي وباور هورس.. سخروا منه، وقالوا مجنون، هو الآن شبه مجنون، لكن فكرته عاقلة، مثل فكرة أحجار الزينة.