"القسام" تعلن عن عمليات "نوعية" ضد قوات العدو جنوب قطاع غزة    شركة النفط: الوضع التمويني مستقر    الدكتور عبدالله العليمي يعزي العميد عبده فرحان في استشهاد نجله بجبهات تعز    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الدكتور عبدالله محمد المجاهد    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    مفتي عُمان يبارك "الانجاز الكبير" لليمن بضرب مطار بن غوريون    تحالف (أوبك+) يوافق على زيادة الإنتاج في يونيو القادم    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 52535 شهيدا و118491 مصابا    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    وزير الدفاع الإسرائيلي: من يضربنا سنضربه سبعة أضعاف    عدن: تحت وقع الظلام والظلم    ريال مدريد يتغلب على سيلتا فيغو في الدوري الاسباني    «كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    هيئة رئاسة مجلس الشورى تشيد بوقفات قبائل اليمن واستعدادها مواجهة العدوان الأمريكي    بن بريك اعتمد رواتب لكل النازحين اليمنيين في عدن    أعضاء من مجلس الشورى يتفقدون أنشطة الدورات الصيفية في مديرية معين    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى إسرائيل بعد استهداف مطار بن غوريون بصاروخ يمني    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    الخبجي : لا وحدة بالقوة.. ومشروعنا الوطني الجنوبي ماضٍ بثبات ولا تراجع عنه    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 4 مايو/آيار2025    الوزير البكري يهنئ سالم بن بريك بمناسبة تعيينه رئيسًا للحكومة    أبو عبيدة:التصعيد اليمني على الكيان يتجاوز المنظومات الأكثر تطوراً بالعالم    وجّه ضربة إنتقامية: بن مبارك وضع الرئاسي أمام "أزمة دستورية"    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    بن بريك والملفات العاجلة    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    ترحيل 1343 مهاجرا أفريقيا من صعدة    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    التركيبة الخاطئة للرئاسي    وادي حضرموت على نار هادئة.. قريبا انفجاره    أين أنت يا أردوغان..؟؟    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    العدوان الأمريكي يشن 18 غارة على محافظات مأرب وصعدة والحديدة    اعتبرني مرتزق    رسائل حملتها استقالة ابن مبارك من رئاسة الحكومة    نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    الحقيقة لا غير    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    من يصلح فساد الملح!    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"مع الحوثي ضد الحوثيين"
نشر في اليمن اليوم يوم 22 - 03 - 2015

- المظلوم الأكبر في ما يجري هو السيد عبدالملك الحوثي، فهو بكل ن?ُبل لا يزال متمسكاً بقيمه ونزاهته، وكل من تحاوروا مباشرة معه يدركون جيداً ما أتحدث عنه، ويدركون أن حرصه على حزب الإصلاح أكثر من أغلب الإصلاحيين، وحرصه على المؤتمر أكثر من حرص بعض المؤتمريين على مؤتمرهم، وحريص أيضاً على إنصاف المواطن الجنوبي أكثر من حرص القيادات الجنوبية على مواطنيهم، لكن قيادات جماعته، وبذريعة حمايته، تفرض عليه عزلة تحجبه عن اليمنيين وتشوه صورته لديهم. الكثير من اليمنيين رأوا في السيد عبدالملك الحوثي قائداً وطنياً، بينما "حوثة" صنعاء ومعهم بعض القادة القادمين من صعدة يريدون أن يبقى عبدالملك الحوثي رمزاً لجماعة دينية، لا تختلف كثيراً عن الإخوان أو السلفيين، قليل منهم تدفعهم عقيدتهم الدينية لهذا التصنيف، أما أغلبهم فتدفعهم أحقادهم وأطماعهم لذلك، فهم يدركون جيداً بأن تقارب قائدهم مع بقية الأطراف اليمنية القابلة بالتقارب سيحرمهم من تلك الامتيازات والأموال والعربات المدرعة-التي أغدق عليهم بها عبدربه منصور هادي- والصلاحيات التي استفردوا بها ومارسوها واستشعروا لذتها، خصوصاً عندما لا يصاحبها أية مسئولية يحاسبون عليها أمام الشعب وأمام قائدهم أيضاً، فأمام الشعب هم الرئيس، والزعيم والسيد من يتحملون المسئولية، وأمام قائدهم هم الرئيس والزعيم وعملاء أمريكا وإسرائيل من يتحملون المسئولية، وهؤلاء ليس لديهم أي استعداد للتخلي عمَّا اكتسبوه، ولو لصالح الوطن أو لصالح السيد وقيمه. - هنالك الكثير من التزييف والادعاءات الباطلة يمارسها خصوم اليمن واستقلالها لينسبوا إلى السيد وجماعته بعض الممارسات البشعة وغير الإنسانية بغرض التشهير بهم وباليمنيين عموماً، لكن بعض تلك الوقائع المعلنة وأخرى غير معلنة حدثت بالفعل، وهي بلا شك تتنافى مع قيم عبدالملك الحوثي وطبيعته، وعدد من قادته في صنعاء لا يريدون حتى أن ينفوا تلك الممارسات، بل ويهددون الآخرين بمثلها وبأقسى منها لأنهم يعتقدون أن هيبتهم واستمرارهم لن يكون إلا بها أو بالتلويح بها. إلى الآن لم تُعلن الجماعة عن أي إجراء تأديبي أو تعلن براءتها من الإعلاميين والسياسيين والمشايخ الذين اعتدنا ظهورهم عبر قناة "المسيرة" وهم يقدمون أنفسهم كقياديين أو كأفراد ضمن الجماعة ومن ثم يهاجمون المكونات اليمنية الأخرى ويمارسون التحريض والفتنة والتهديد ضد الآخرين، أشخاصاً أو جماعات، لم نسمع عن أي إجراء ضد من قام بتسريب التسجيل المرئي لصادق الأحمر، أو من تسبب إهماله في مجازر كالتي حدثت أمام كلية الشرطة، لم نعرف شيئاً عن مصير قضية النفق، بالرغم من صدور توجيهات مباشرة من القائد عبدالملك الحوثي بتسليم الملف كاملاً لممثلي المجني عليه، وكان هذا التوجيه أمامي، ومرت عدة أشهر دون تنفيذه، كما لم يتم توضيح حقيقة ما جرى يوم الإعلان الدستوري ومن الذي دفع الجماعة لارتكاب خطأ جسيم كهذا، كيف أوهمهم بإمكانية صدور إعلان دستوري دون تحقق أدنى شروطه، مثل وجود سلطة حاكمة ولو انقلابية لتقوم بإصداره؟ كيف أقنعهم بأن قبول البرلمان لاستقالة هادي يشكل ضربة لمسيرتهم الثورية؟ لم نسمع عن تحقيقات أو إجراءات ضد من كان إهمالهم أو تآمرهم هو ما مكَّن هادي من الفرار، لم تصدر أيضاً عن الجماعة أي توضيحات أو إجراءات ضد من قاموا بمهاجمة معسكر القوات الخاصة، بالرغم من أن قائد الجماعة السيد عبدالملك الحوثي اعتبر في خطابه ذلك الاعتداء خطأ غير مقبول، وأيضاً في مسألة فرار وزير الدفاع إلى عدن، لابد أن هناك مخطئ قد يكون الوزير نفسه، وغالباً أنه خطأ ممارسات عدد من القياديين في الجماعة وبعض العسكريين المحسوبين عليها هي ما اضطرته للفرار ليحافظ على كرامته وشرفه العسكري، ولم تتم إحالة أحد للتحقيق أو على الأقل لم نسمع بذلك، وأيضاً ثبت لدى المطلعين قيام عدد من الأشخاص المحسوبين على الجماعة بابتزاز عدد من رجال الأعمال وعدد من شاغلي الوظائف الحكومية واستلام أموال منهم تحت التهديد بسيطرة اللجان الشعبية على شركاتهم أو مؤسساتهم بتهمة "دعم الدواعش"، وما زال هؤلاء المُبتزون يعملون مع الجماعة ويتحدثون باسمها حتى اليوم.. وفي قرارات التعيين نشاهد مبالغة في إقحام أسماء هاشمية في تلك القرارات لدرجة لابد أنها مستفزة للكثيرين، ولا أعتقد إلا أنها مؤامرة تستهدف الهاشميين وتسيء لانسجامهم في مجتمعاتهم، ولا بد من كشف هذه المؤامرة وإيقافها وفضح محركها.. هذه الأمور وغيرها لم تعد شأناً داخلياً خاصاً بالجماعة، فالجماعة اليوم تحكمنا، قبِلنا أو لم نقبل، وأصبح كل ما يجري فيها مؤثراً في حياة اليمنيين ومستقبلهم ومن حقهم أن يعرفوا حقيقته. أبو طه (عبدالرب جرفان)، أبوعقيل (ضيف الله الشامي)، أبو حسين (يوسف المداني)، أبو علي (أحمد عثمان)، أبو شهيد (حسن الكحلاني)، أبو مالك (يوسف الفيشي)، أبو عبدالله (فؤاد العماد)، هؤلاء وعدد قليل معهم هم من نجدهم ينسبون لأنفسهم الأخطاء ويعتذرون عنها ويعدون بتجاوزها ليبرئوا جماعتهم وقائدها منها، بينما العديد من زملائهم في الجماعة (سياسيين وإعلاميين وقبليين) ينافقون الجميع منأ المكاسب، أو يصادمون الجميع من أجل الهيبة، لكنهم في نفاقهم أو صدامهم يتاجرون بسمعة جماعتهم وقائدها. المسألة لم تعد ممارسات فردية خاطئة يمارسها بعض المنتسبين للجان الشعبية، بل أصبحت تتجه للتنظيم، وأصبح هناك مراكز قوى وواجهات اجتماعية ودينية وعسكرية مشابهة لتلك التي تم إسقاطها.. بل أننا نرى أن الجماعة أصبح لديها "عبدالله الأحمر" ليسيطر على القبائل، و"علي محسن" ليتحكم بالجيش، و"عبدالكريم الإرياني" ليتحكم بعلاقات اليمن الدولية، و"علي مقصع" ليتدخل في كل شيء بحكم أنه خال القائد أو عمه، و"نصر طه مصطفى" ليقود حملات التضليل والنفاق، و"سلطان البركاني" ليفجر الأزمات بتصريحاته، و"علي الآنسي" ليحتل مكتب الرئاسة ويشكله بطريقته لخدمته الخاصة، و"إسماعيل الوزير" ليقوم بمهام ليّ أعناق النصوص بطرق واضحة الاعتلال، حتى أنه أصبح للجماعة "سيف الحاضري" ليبتز التجار ليعلنوا في صحيفته.. هؤلاء وغيرهم ممن استهلكوا اليمن تتم الآن إعادة المواقع ولكن بأشخاص آخرين ينقصهم خبرة السابقين ولكن لا ينقصهم جشعهم ولا فسادهم. - مثل أغلب الجماعات والأحزاب هنالك تيارات متعددة ومختلفة إلى درجة التنازع داخل جماعة أنصار الله، ولكل تيار قائد هو من ضمن الصف القيادي في جماعة أنصار الله، فهنالك تيار لا يؤمن إلا بالعنف وليس له من هدف إلا إذلال الآخرين من أجل الاستفراد بالنفوذ داخل الدولة وداخل المجتمع وحتى داخل الجماعة، يدفعهم الحقد والجشع والغرور، ضاربين عرض الحائط بكل القيم المجتمعية وكل القوانين وحتى قيم وتوجيهات القائد عبدالملك الحوثي. وهنالك التيار الإيراني، وهو الأكثر خطورة من الناحية السياسية والاجتماعية، ولا يختلف عن الإخوان المسلمين في شيء، حتى أنهم يتلاقون في رؤاهم في العديد من الملفات، بل وغالباً ما يعملون فيها معاً، فإيران ليست راضية أبداً عن السيد عبدالملك الحوثي وعن أدائه، لأن السيد عبدالملك يهتم بعلاقة جماعته بالمكونات اليمنية جميعها أكثر من اهتمامه بعلاقة جماعته بأي طرف دولي، لأن القرار في اليمن إما أن يكون خارجياً أو يكون يمنياً، ويمنياً فقط، وهذا يستبعد أي تأثير خارجي على القرار، سواء من أمريكا أو السعودية أو قطر وحتى من إيران.. وحديث السيد عبدالملك عن الندية في التعامل مع الخارج أمر لا يرضي إيران كما لا يرضي السعودية، فالتدخلات الأمريكية أو السعودية هي المبرر الوحيد للتدخل الإيراني، باعتبار أن المعادلة السياسية في اليمن تصبح شأناً دولياً، وليس أمام اليمنيين إلا المشاركة فيها بأدوار ثانوية، ولهذا فإن إيران التي كانت تنفي وبقوة أي علاقة لها بالحوثيين أثناء الحروب الست، أصبحت وبعد تاريخ 21سبتمبر 2014 تتحدث عن الحوثيين وكأنهم فرع للحرس الثوري الإيراني، بطريقة لم تتحدث بها إيران عن حزب الله أو عن السيستاني وجماعته، لأنها أدركت أن جماعة أنصار الله حققت انتصاراً ميدانياً، وأن إيران بإمكانها الاتجار السياسي الدولي بذلك الانتصار، بالرغم من أنهم فعلياً وقفوا ضده، لأنهم كانوا يرون في حزب الإصلاح وميليشياته الداعشية الطريقة الأمثل لإقلاق السعودية بل وإسقاطها، وقيام أمريكا برفع اسمي إيران وحزب الله من قوائم الإرهاب والإعلان عن خطوات مهمة تم الاتفاق عليها بين إيران والغرب بخصوص الملف النووي الإيراني وأن يأتي ذلك بعد إغلاق أمريكا والدول الغربية لسفاراتها في صنعاء وبعد تصريح الناطق باسم البيت الأبيض بعدم وجود ما يثبت دعم إيران لجماعة أنصار الله، وتصريح إسماعيل كوثري عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني الذي جاء فيه أنهم تلقوا من السعودية عرضاً مفاده أن تترك إيران تدخلها في اليمن مقابل ترك السعودية لتدخلها في سوريا، جميعها مؤشرات تؤكد أن إيران تبيع ما لا تملكه وتتاجر بالقضية اليمنية لحماية مصالحها الاستراتيجية الحقيقية، وقد قامت إيران باستقطاب العديد من الإعلاميين والسياسيين المحسوبين على جماعة أنصار الله وكلفتهم بمهام من شأنها إثارة الفتنة بين الجماعة وبين التيارات الوطنية والقومية في اليمن، لجعل التبعية لإيران هو الخيار الوحيد أمام جماعة أنصار الله وقائدها، والسعودية بكل سذاجة تلتقط كل طُعم تلقيه إيران لها عبر وسائل الإعلام. في الشأن اليمني نجد أن السعودية وأمريكا وبريطانيا وقطر وتركيا وإيران يقفون في الجانب ذاته، وأتفق مع الصحفي المتميز عابد المهذري الذي أشار في مقابلته بقناة الجزيرة إلى تورط إيران وتيارها في تهريب هادي، لأننا في اليمن انقسمنا سياسياً إلى جانبين: الأول يؤمنون بضرورة الحل أن يكون محلياً، والجانب الثاني يرى بضرورة التدخل الدولي بأي شكل، والثاني هو من يضمن لإيران جزءاً من الصفقة، خصوصاً وأن إيران ترى في اليمن مجرد ورقة للمساومة أمام الأطراف الدولية لحماية مصالح ذات أولوية مهمة استراتيجياً لها. - ما يجري الآن في عدن هو لعبة تتجاوز موضوع الانفصال، فلم يعد انفصال الجنوب عن الجمهورية اليمنية هو ما يتم التمهيد له، فنقل السفارات وخطوط الطيران إلى عدن وإعلان صنعاء عاصمة محتلة وعدن عاصمة للجمهورية اليمنية، وعقد اجتماعات لعدد من الوزراء في عدن باعتبارها اجتماعات لمجلس الوزراء، الغاية من جميع ذلك منح هادي ومن فروا معه إلى عدن امتياز تمثيل السلطة الشرعية للجمهورية اليمنية، ويصبح الانفصال ليس ما سيمنحه المجتمع الدولي للجنوب، بل يريدون منحه للشمال، فيصبح الشمال هو من سيبحث له عن اعتراف بدولته، ويصبح الجنوب- سلطة هادي- صاحب شرعية الحلول محل الجمهورية اليمنية في المنظمات والاتفاقات الدولية، ابتداء بالتمثيل الدبلوماسي في العالم والأمم المتحدة والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي (اليمن عضو في بعض مؤسساته) وانتهاء بالفيفا والجات. لو تحققت مخاوفنا السالفة فسوف يذكر التاريخ بأن الوحدة اليمنية صُنِعَت في عهد "علي عبدالله"، وأن الانفصال كان في عهد "أنصار الله"، وليس مجرد انفصال بل سحب صفة "دولة" عن شمال اليمن والبحث من جديد عن استعادة تلك الصفة، وسيكون من العسير استعادتها مع بقاء الدولة بلا أي مظاهر لها. لم تعد لدينا دولة، ولا يمكن الجزم بأن هناك مسيرة لاستعادتها، فلم يعد لدينا دستور ولا رئيس ولا حكومة ولا برلمان ولا جيش ولا سفارات ولا طيران، لم نعد ندري أين هي حدود بلدنا أو عاصمتها؟ صنعاء أم عدن أم صعدة أم غيرها!! - هذه بلدنا ليس لها فكاك منا وليس لنا فكاك منها، وليس أمامنا إلا التشارك في هذا الوطن واستعادة دولته والحفاظ على وحدته وسيادته واستقراره، وحتى ذلك الحين الذي تعود فيه الدولة يرى كاتب هذه السطور في السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قائداً وطنياً أكبر من الجراح، مؤمناً باستقلال اليمن وبالمواطنة المتساوية، وقد لمس الكاتب في لقائه بالسيد عبدالملك الحوثي حرصه على أمن المواطن ومعيشته، وكان أثناء نقاشه مع السيد عبدالملك عن مستقبل اليمن القريب والبعيد وعن الاحتمالات التي يُتوقع خوضها يعترضه السيد عبدالملك للحديث عن خبز المواطن وأمنه ووقوده وحريته وكيف يتم صيانتها مع كل احتمال.. لم يستمع الكاتب لأي اعتراضات دينية أو انتقامية أو نفعية أو
تنظيمية من السيد عبدالملك في كل القضايا العالقة وفي كل الاحتمالات المطروحة، لديه من النوايا الحسنة ما يكفي لطمأنة اليمنيين إن طابقت أفعال المحسوبين على الجماعة تلك النوايا، فكما يقول المثل الانجليزي "إن الطريق إلى الجحيم محفوف بالنوايا الحسنة"، فنحن بانتظار أن تتجسد تلك النوايا الصادقة الحسنة في أفعال الجماعة، ونحن كيمنيين شركاء في الوطن على استعداد لتقديم ما نستطيعه لإنقاذ الوطن، ونحن على ثقة بأن السيد عبدالملك الحوثي سينحاز لما فيه مصلحة الوطن والمواطن الفرد، مهما كانت التضحيات من جانبه. ونظراً للطريق المسدود الذي علقنا به، ومع استمرار التدهور في حياة المواطنين، لا يوجد أمام السيد عبدالملك إلا خياران، أولهما سحب الجماعة ولجانها من العاصمة ومن كل ما له علاقة بمؤسسات الدولة، وهذا خيار له منافعه لكن له مضاره، باعتبار أن الأعوام الأربعة الماضية أفقدت الدولة القدرة على أن تسيطر حتى على مؤسساتها في العاصمة، فستكون لقمة سائغة لأطراف مسلحة أخرى، وبالتالي لن تكون الدولة هي الوارثة لتلك السيطرة، والخيار الآخر هو انتقال السيد عبدالملك إلى صنعاء لمتابعة أعمال جماعته ومراقبتها والاستماع من اليمنيين لشكاواهم ضد ممارساتها وإنصافهم منها، وأيضاً ليقوم بالتحاور مباشرة مع الأطراف الأخرى، باعتباره صاحب النوايا الحسنة، وباعتباره أيضاً صاحب القرار في الجماعة، فوجود السيد الآن في صعدة لا أجده يختلف كثيراً عن وجود هادي في عدن، فهما من أقصى الجنوب وأقصى الشمال يتنازعان على القرار في العاصمة، دون أن تشارك العاصمة في قرارها، والمخاوف الأمنية التي تبعد السيد عبدالملك عن العاصمة تضاءلت بعد أن سيطرت الجماعة على كل الأجهزة الأمنية في الدولة، والنسبة المتبقية من تلك المخاوف يمكن للسيد عبدالملك مواجهتها، فالقيادة بلا شك تتطلب قدراً من الشجاعة والمغامرة أثبتت أحداث الأعوام العشرة الماضية أنها مما تتسم به شخصية السيد عبدالملك.. ونتمنى أن يدرك السيد عبدالملك أن عدداً كبيراً من قادة جماعته في صنعاء سيقولون له أي شيء، ويفعلون بنا كل شيء، لمنع قدومه إلى صنعاء، وللحجر عليه من أن يتعامل مع الآخرين، لإدراكهم أن حضور الماء يُبطِل التيمم، وأن وجوده سيسقط نجوميتهم ويفقدهم نفوذهم. فرَّ هادي من إقامته الجبرية، وكذلك فعل الأحمدي والصبيحي، وتم رفع الإقامة عن بحاح والسعدي وقحطان، وحتى سام الأحمر تم الإفراج عنه، جميع القياديين الذين احتجزتهم الجماعة وعزَلتهم عن العالم تم الإفراج عنهم، ولم يتبقَّ إلا السيد عبدالملك الحوثي تحت الإقامة الجبرية التي تفرضها عليه جماعته.. أطالب الجماعة أن تفرج عنه وأن تستعيد من أفرجت عنهم إن أرادت واستطاعت، الموضوع ليس هزلياً أو تهكمياً، فمؤخراً وأنا أتحدث مع قيادي مهم في الجماعة وأنتقد ممارسات اللجان الشعبية والثورية وأطالبه بأن يكون لهم مثل قيم وأخلاق قائدهم السيد عبدالملك رد عليَّ بكل ثقة قائلاً: "السيد طيب ومتسامح، لو احنا مثله إننا ما زلنا في صعدة".

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.