كنت في مراهقتي مغرماً بمتابعة الاكتشافات العلمية، التي تندرج تحت مسمَّى الإعجاز القرآني، للشيخ عبدالمجيد الزنداني، وبمناظراته التي كانت تنتهي دائماً بإسلام الشخص الكافر الذي يناظره.. وكأنه لا بد أن تكون النهاية بانتصار الخير على الشر، كما في مسرحيات شكسبير!! هم يكتشفون ويعملون ويخترعون، ونحن نقول لهم إن هذا معروف عندنا، وقد أخبرنا الله ورسوله عن هذا.. نعم معروف، لكننا نتَّكِل عليهم في إثبات صحة ما نؤمن به، لذلك نهلِّل ونكبِّر حين نسمع عن اكتشاف علمي جديد، ونقول إن هذا الاكتشاف هو إثبات وتأكيد لما جاء في كتاب الله، الذي أخبرنا بهذا الأمر قبل أربعة عشر قرناً، وكأننا نحتاج بين كلِّ فترة وفترة لاكتشافٍ جديد يؤكد صحة القرآن!! وحين نسمع عن إسلام شخص أمريكي مشهور نُشعل الدنيا، وتتناول الصحف والمواقع هذا الحدث، وكأن إسلامه إضافة لهذا الدين، وليس لنفسه فقط، رغم أنه ليس سوى رقم يُضاف إلى تعداد المسلمين.. وكما تقول الروائية الجزائرية فضيلة الفاروق "إن هشاشتنا تزيد يوماً بعد يوم، حتى أصبحنا ننتظر أيَّ بريق من الغرب يثبت أن ديننا هو الصح، نريد اعترافاً تلو الاعتراف من هذا الغرب الذي يتحدَّانا في أمور كثيرة بالتفوُّق، فيما نحن غير قادرين بتاتاً على اللحاق به". فهل نحن فعلاً بحاجة لإسلام أحدهم لنفهم الرسالة المحمدية؟ وحين نقول إن هذا الاكتشاف يؤكد صحة ما نزل به جبريل، فذلك يعني أننا كنا نشكُّ في هذا الأمر، ونحتاج إلى أشخاص من مِلَّة أخرى لتأكيده، وكأننا ننتهج طريقة "والحق ما شهدت به الأعداءُ"!! نحتاج إلى أن نؤمن بأنفسنا أولاً، لا أن نقفل عقولنا ونطمئن إلى أن هناك من يفكر نيابة عنا، فهذا تعطيل لمعنى الوجود والموجود.