تسربت منذ يومين أخبار عن ترتيبات داخل الأسرة الملكية في السعودية لعزل الملك سلمان الذي بات استمراره خطراً يتهدد بقاء الأسرة، وتنصيب الأمير أحمد بن عبدالعزيز ملكاً للبلاد. الغضب المتزايد داخل الدوائر المؤثرة في الأسرة مصدره عنصران: الأول: استئثار الملك بالسلطة والمال، وحصرهما في دائرة الأب والأبناء وإقصاء بقية أبناء المؤسس وانقلابه على أعراف البيعة وأعضائها. مضافاً إلى ذلك الاعتقاد أن الحرب التي تُشن على اليمن لم تكن لها أية ضرورة سوى أنها مهدت مناخاً لإسكات المعارضين للانقلاب المتمثل في إزاحة الأمير مقرن وتصعيد نجله محمد ولياً لولي العهد. كما أن الحرب على اليمن -كما يقول أمراء- فتحت أبواباً للفساد، وخلقت أسباباً لصفقات السلاح وشراء الولاءات، واستئجار الجيوش والمواقف الدولية. وتتحدث مصادر من داخل الأسرة عن سرقات بعشرات مليارات الدولارات ذهبت إلى خزينة سلمان وابنه محمد الذي يتولى منصب وزير الدفاع والرئيس التنفيذي لشركة (أرامكو) المعنية بمبيعات النفط في أكبر دولة مصدرة في العالم. العنصر الثاني: الوضع الأمني الذي أحدثته الحرب جنوب المملكة نتيجة الهجمات اليمنية على نجران وجيزان وعسير، مضافاً إليها العمليات الإرهابية في القطيف والدمام شرقاً، التي يُتهم بتدبيرها ولي العهد محمد بن نايف الذي يتولى منصب وزير الداخلية أيضاً، والذي يرتبط بعلاقات وطيدة مع التيارات الإرهابية سواءً تلك التي تديرها قيادات سعودية أو المخترقة من قبل المخابرات عبر التمويل. ويمكن تلخيص ما سبق في أن سلمان على وشك الخروج من ذات الباب الذي دخل منه والسقوط في الحفرة التي حفرها. فإذا كان قد اتخذ حربه على اليمن مدخلاً لاحتكار السلطة بينه وبين أبنائه على حساب الشركاء الآخرين من أبناء الملك المؤسس وأبناء الأبناء، والركوب أيضاً إلى استنزاف الخزينة تحت عناوين الصفقات والجيوش والولاءات، فإنها تعود إليه. - وكما أن تفجيرات القطيف استهدفت إشغال المجتمع بتهديد وطني سبيلاً للالتفاف حول النظام الذي فقد بريقه فإن ردود الفعل انقلبت إلى غير الأهداف، تماماً كما تفعل حربه الظالمة على اليمن، والنتيجة أن عدداً كبيراً من العائلة الملكية المقصية، وجدت مبرراً لإزاحته إلى الحفرة التي حفرها وكانت من السعة على النحو الذي يبتلعه.