عرف الناس سباق تسلح القوى العالمية العظمى فأحدثوا "توازن الرعب" وتسابقوا جميعاً على معالجة "اختلال الرعب" بمزيد من التسلح لفرض الشروط أثناء التفاوض، أو تعزيز "الندية" حال الاتفاق. تسرب سباق التسلح إلى القوى "العالمية" الصغرى، فالدول "الإقليمية" بمختلف أحجامها وتأثيراتها، منهم من كدّس السلاح، ومنهم من كرّس استخدامه قمعاً للشعوب، أو قرعاً لأجراس تنبيه المحيطين المرعبين. تسابقوا إذاً لغرضٍ حربي، ولغرضٍ سلمي، ولغرض "العرض"، مجرد العرض فقط. ثم وُزِّع السلاح للميليشيات "المحلية" هنا وهناك بنظر الدولة أو بِغَضِّ نظرِ السلطات عن تفشيه بواسطة تجار السلاح (...). وأخيراً، في غير محافظة ومدينة ومديرية، وجّه اليمنيون أفواهَ سلاحهم إلى صدور إخوتهم اليمنيين بغير منطقٍ يلبي حاجيات عامة المواطنين. تردد أن الأفكار أوقدت نيران المواجهات الداخلية، والحق أن من يحمل فكراً أو ذرةَ فكرٍ لا ينتوي شراً بأحد؛ والقصد "من يحمل فكراً نيّراً خيراً"، أما من وقع تحت نير الشر باسم الفرعيات الفكرية المذهبية والسياسية مخلاً بالعموميات والأساسيات الدينية والوطنية والبديهية لا يعُدُّ "مفكراً" بل "مُفجراً". شاع السلاح ولم يشع السلام. تسابق الناس على "التسلح" وما تسابقوا على "التسامح"، والنتيجة ما نرى. وغدا لسان الحال مردداً للفُضول: طالما بشرتُ بالحب فما * سلّ أحقاداً ولا زكى نفوسا مع ذيوع السوء المسلح، فإن حاجةَ الناس للمبشرين بالسلام والمتسابقين إلى التسامح تفوقُ حاجتهم لموزعي السلاح ومسعري الحرب. استعادة روح التعايش والتسامح اليمني الأصيل متطلبٌ أساسي لن يأتيه من لا يستشعر قيمتها: مُكلِّفُ الأيامَ ضد طباعِها * متطلبٌ في الماءِ جذوةَ نارِ وإذ نقول: يمن جديد؛ ولم يُطِل لأجله "يمنيون جدد" يتسابقون على "التسامح". يظل البحث عن أولئك جارياً لكي لا يفنى حتى "اليمن القديم"!