واحدة من أقدم الحيل في الإعلام أن يقدم كاتب أو وسيلة الإعلام قضية ما بقراءة نتائجها ثم يبني مواقف توافق توجهاته دون الاكتراث للجذور والأسباب، وهي وسيلة تضليل لها أهدافها في أجندات الحرب الناعمة. مقالات كثيرة كتبت خلال الفترة الماضية عن استجابة أنصار الله وحزب المؤتمر بزعامة الرئيس السابق علي عبدالله صالح للقرار الأممي 2216 وكلها كانت تطرح بلغة ثأرية متشابهة سؤلا بدا لكثيرين بريئا.. لماذا لم يوافق أنصار الله والرئيس السابق على القرار مبكرا لتجنيب اليمن الحرب التي شنها تحالف العدوان.. وهل كان ضروريا أن ندفع كل هذا الثمن من الضحايا والدمار والحصار ليأتي أنصار الله وصالح ويعلنوا بعد سبعة أشهر موافقة قهرية على تنفيذ القرار.. ألم بكن أجدى الموافقة عليه من البداية؟ هذه الأسئلة التي تدغدغ المشاعر وتستفز العقل قد تبدو محقة وشرعية .. لكنها لا تبدو كذلك مجرد التأمل في الأسباب الحقيقية للعدوان ويزداد الأمر عند اكتشاف أن الفرضية ركبت بهذه الصورة فقط للتحايل على العقل والمشاعر معا. هل كان رفض الحوثيين وصالح للقرار هو السبب فعلا؟ إن صدر الجواب من عقل متحرر من قيود البروبجاندا فهو يستطيع القول إن القرار 2216 لم ينص علي استخدام القوة المسلحة لتنفيذ بنوده، ولم يعط السعودية صلاحية تنفيذه بالقوة الغاشمة أو قيادة تحالف بربري همجي يقتل بهذه الوحشية التي شهدناها ويدمر قوات الجيش ومرافق البنى التحتية بهذه الصورة المروعة . سيجزم هذا العقل المتحرر أنه لا يمكن للمجتمع الدولي أن يقرر تدمير بلد وقيادة حرب اغتيالات بالطائرات لقتل قادة سياسيين أو مليشيات كما يحبون تسميتها لإرغامهم على تنفيذ بنود القرار.. قيادة عدوان بهذه الوحشية تجعل من أهدافها المتضمنة في القرار عمها غير ممكن تخيل نتائجه . أوضح دليل على أن العدوان السعودي لم يستهدف تنفيذ القرار الأممي هو المواقف الدولية ومواقف الأممالمتحدة التي كانت طوال الفترة الماضية تؤكد بصوت واحد أن حل الأزمة اليمنية لا يمكن أن يتحقق بالقوة المسلحة وأنه لا خيار ممكن للازمة اليمنية سوى بالعودة إلى المسار السياسي. هذه المواقف والتصريحات تدحض كل الدعاوى التي تبذل ما بوسعها للتشويش وتستخدم كل وسائل الدعاية الرخيصة لخلط الأوراق والتضليل وتشويه الحقائق والوعي في آن . ملاحظات كثيرة قيلت في شأن عدالة وموضوعية القرار 2216 وما لم يُقل في العلن أنه صيغ بأيدي القوى ذاتها التي كانت تخطط لشن عدوان همجي على اليمن قبل صدور القرار الذي صيغ وأُقر تحت المظلة الأممية بصفقات وثغرات وبخطوات سريعة أفضت إلى قرار مرتبك وغير قابل للتطبيق. هذه الحقيقة أكدتها بريطانيا ودول أخرى أعلنت مؤخرا وبوضوح أن القرار الأممي غير قابل للتطبيق ولا يمكن اعتباره شرطا للعودة إلى المسار السياسي حلا للأزمة اليمنية. الأطراف الدولية قالت ما لديها في شأن القرار بعيدا عن البروبغاندا وبعيدا عن دوامة الحروب والحرائق التي أشعلها وكلاؤها في تحالف العدوان الهمجي الذي قادته السعودية على اليمن . هذا الموقف الدولي المتأخر قال بلغة أخرى إن القرار 2216 صيغ فقط بطريقة فتحت الطريق لعدوان غاشم وعطلت في الوقت ذاته مسار التسوية السياسة. في المحصلة كان هذا القرار ذريعة سوقتها الأجهزة الدعائية التابعة للتنظيم الدولي للإخوان والآلة الإعلامية لتحالف دول العدوان والوصاية ومعها الطابور الخامس من كتاب الدرجة الرابعة الذين لا يستطيعون تقديم شيء سوى التضليل والاحتيال علي عقول البسطاء.. بأن يوظف إعلان الحوثيين وصالح القبول بتنفيذ القرار الأممي. على أنه خطأ تاريخي دفعت اليمن ثمنه غاليا موجدا ذريعة للعدوان بضربة واحدة. من جندوا أنفسهم لإشاعة هذه البروبغاندا محظوظون حقا فيكفي الواحد من هؤلاء أن يكتب تهريجا من هذا النوع المخزي ليجد طابورا طويلا من الحمقى والمرضى يتطوعون لنشره غسيلا قذرا نيابة عن أجهزة ومطابخ تحالف العدوان ثم نجد طابور المتطوعين هذا يتمترسون خلف هذا الغسيل ويفصحون بمعنويات عالية نحن لا نؤيد العدوان. من يشتغلون بهذا النوع من الحملات يستخدمون ببراعة أدوات التضليل الإعلامي ومنتجات المطابخ ذات الرائحة الكريهة يعرفون قطعا أنهم يؤدون دورا لصالح العدوان الغاشم، وهم يدركون أن طابورا من المغفلين ومعدومي الضمير والأخلاق سيكملون الدور بنشره وإشاعته مستغلين ميول الشارع إلى المعارك الكلامية السطحية في ما يشبه الحملات البارعة في تشويه الوعي الجمعي وتسطيح القضايا الوطنية وتحويلها مهاترات . طابور المغفلين المتطوعين في نشر الغسيل القذر.. دخلوا عالم السياسة من بوابة البروبجاندا فهم في الواقع مفلسون مبلغ علمهم وقدراتهم إعادة إنتاج ما يسمعوه ويتلقوه من مطابخ الدعاية التابعة لتحالف العدوان وما أكثرها.