الشاه عباس الأول، وهو واحد من سلاطين الدولة الصفوية، لقَّب نفسه بلقب "كلب عَتَبَة علي"، وفي يوم عاشوراء سار على قدميه من مدينة أصفهان إلى مدينة مشهد التي فيها ضريح الإمام الرضا، وهذا الشاه إنما تكلَّب وكلَّف نفسه ذلك العناء نفاقاً للمؤمنين، ومحاكاة سلاطين آل عثمان، فقد لقَّب السلطان العثماني مراد الأول نفسه بلقب خادم الحرمين، بعد أن كان سليم الأول يلقَّب بحاكم الحرمين، والفارق بين خادم وحاكم كبير، فجاء المتأخر بالنفاق المؤصل، والفارق بين الشاه الصفوي والسلطان العثماني أن الصفوي كان ينافق المؤمنين الشيعة، والعثماني ينافق المؤمنين السنة، وكلهم يتبارون في خدمة الرموز الدينية، رغم أن الصفوي كان يدخل بغداد ويهدم ضريح أبي حنيفة الذي كان مذهبه هو المذهب الرسمي للسلطنة العثمانية، وكان السلطان العثماني يدخل تبريز أو مشهد ويهدم أضرحة أئمة الشيعة، ففي وقت الغضب لا بأس من التنازل عن الرهبة والنفاق، وقبل هؤلاء كلهم سافر معاوية بن أبي سفيان وأصحابه إلى فلسطين لكي يبرموا أمر الخلافة، وتُعقد له البيعة في بيت المقدس، لأن الأراضي التي فيها الكعبة وقبر الرسول كانت تحت إدارة الخليفة علي بن أبي طالب، فعوَّض معاوية ببيت المقدس عن الكعبة التي كان يود أخذ البيعة عندها، ومع ذلك كان صاحبهم مقطِّف الرؤوس أول من هدم الكعبة في عهد حكمهم.. ومنذ ثمانينيات القرن العشرين صار ملوك آل سعود يلقبون بلقب خادم الحرمين الشريفين، وكان ذلك بعد قليل من المذبحة التي وقعت في الكعبة بأيدي الحرس الوطني الملكي والقوات الخاصة الأمريكية التي استنجد بها آل سعود للتخلص من جهيمان محمد العتيبي ومحمد القحطاني وأتباعهما الذين احتموا بالكعبة بعد فشل محاولة انقلابية، بينما ادَّعى آل سعود أنهم احتلوا الكعبة لإعلان ظهور المهدي المنتظر ومبايعته.. وعودة آل سعود إلى لقب خادم الحرمين الشريفين، هي الأخرى ضرب من النفاق والتملق للمسلمين، ومع ذلك لم يتموا النفاق والتملق من كل جوانبه، ففي الأساس اتُّخذ لقب خادم الحرمين الشريفين ليحل محل لقب صاحب الجلالة الملك المفدَّى، لكنهم دمجوا الاثنين معاً فيقولون خادم الحرمين الشريفين صاحب الجلالة الملك... وآخر خدمة قدموها للحرم المكي قتل أكثر من ألفين وست مائة حاج، قبل شهر ونيف.. بالنسبة لي "مش زعلان" من هؤلاء الذين يتملقون للمؤمنين من خلال الربط بين أشخاصهم المدنسة والرموز الدينية المقدسة، فهذا عند العرب والمسلمين كثير وقديم، لكني "مفكود" من وهابيين باكستانيين، إسلامهم ناقص بفقده الشق الثاني من الإسلام وهو عروبته، ومع ذلك يتظاهرون تأييداً ل"هادم الهرمين"، و"مفكود" من المرتزقة السودانيين والسنغاليين لما يغطون ارتزاقهم بستار الخوف على الحرمين، وممن؟ من يمنيين هم أصل العروبة وأخلص أمة للإسلام.. ما باقي إلا نسمع مرتزقاً كولومبياً يقول إنه "مفجوع" على الحرمين!!