ذات يوم كتبت في هذا المكان متبرعا بشهادة لمصلحة الإرهابيين المتوحشين، أولهم الذي في تنظيمي القاعدة وداعش، فقلت إن فضيلتهم الوحيدة التي تميزهم عن الجماعة الأم (الإخوان المسلمين)، أنهم يبدون صادقين، أو قل يتجنبون الكذب من مسافة قريبة، على العكس من الإخوان المسلمين فهم أكذب الأحياء والأموات، أو أكذب من دب ودرج، كما تقول العرب.. ومزية القاعدة وداعش كمزية اليهود العقائديين، أي غير السياسيين أو الصهاينة المراوغين.. لما يقوم واحد أو جماعة من تنظيم القاعدة أو داعش وغيرهما من التنظيمات الوهابية السلفية، بعملية إرهابية ما، مثل اغتيال أو تفخيخ أو تدمير أو قتل مصلين في مسجد، تخرج هذه التنظيمات تعلن أنها المسئولة عن العملية، وتتباهى بها، وتمجد المنفذين لها، وتقدم معلومات مناسبة للجمهور تثبت بها حقها.. ولما تلاحظ هذه التنظيمات أن جهات سياسية أو إعلامية كالإخوان أو قناة العربية مثلا، تكذب لتوظيف العملية الإرهابية توظيفا سياسيا ضد جهة أو جهات معينة، تخرج هذه التنظيمات لتدافع عن حقها الأصيل على المكشوف، وتفضح الذين سعوا لسلبها حقها في الإرهاب.. تنظيم داعش أعلن أنه فجر طائرة ركاب مدنية روسية، وهي في الجو في إقليم سينا المصري، ونجم عن تفجيرها مقتل 224 راكبا.. لم يتردد داعش في الإعلان عن ذلك بعد حدوث التفجير بقليل، ولم يكشف كيف فجرها، هل بصاروخ أو بطرد بريدي أو بحقيبة متفجرات أودعت بين البضائع، أو بحزام ناسف أو قنبلة، التنظيم كشف عن شيئين اثنين: أنه مسئول عن تفجير الطائرة، وأنه فجرها احتفالا بذكرى تأسيس داعش في إقليم سينا، لكن هل كان على القدر وحده أن يطير الطائرة الروسية فوق سينا في ذلك اليوم، ومن ثم يوحي لتنظيم داعش تدبير عملية إسقاطها على عجل؟ وهل دبر داعش العملية ردا على روسيا التي أقدمت على ضرب داعش والنصرة في سوريا بقوة جبارة من الجو السوري، ومن الأساطيل العسكرية الروسية المنتشرة على البحار؟ هل كان على تنظيم داعش الرد على روسيا بهذه الطريقة نيابة عن السعودية، لأنها لم ترضخ للسعوديين الذين ذهبوا إلى موسكو لإقناع بوتين القبول باستمرار الدور الكبير للسعودية في تقرير سياسات المنطقة، أو ما تعتقد أنه حقها في فرض سياساتها في المنطقة العربية؟ لقد أعلن تنظيم داعش أنه مسئول عن تفجير الطائرة الروسية، وتحاشى ذكر أي شيء يتعلق بهذه الأسئلة لأسباب مفهومة، ولما حاول الرئيس المصري السيسي، ومسئولون مصريون آخرون، نفي علاقة داعش بحادث تفجير الطائرة، ظهر داعش من جديد ليكذب السيسي، وليؤكد أنه وراء إسقاط الطائرة، ليثبت حقه الذي أراد المصريون سلبه إياه بدعوى الحفاظ على سمعة مصر.. أعتقد أن داعش صادق.