جمعني مقيل بصديق قديم قال إنه يحتفظ بكل ما كتبت منذ بداية الحرب.. وأسعدني ذلك غير أنه انتهز ذلك ليطلب إعارته بندقين على الأقل لطرحهما عدالا أو تحكيما، ولما اعتذرت عن وجودها أصيب بالدهشة أو ادعائها، وعرفت لاحقاً أن الرجل يعتقد أننا نحصل من السيد على البنادق، ومن الرئيس صالح على المال، وعبثاً حاولت إقناعه بأمور أكثر فائدة من المال والسلاح، ومما قلته له إن الأمور لو كانت كذلك لكان أصغر محرر في "اليمن اليوم" يكتنز في غرفة نومه عددا من الرشاشات، وأن سكرتير التحرير يذهب للدوام ممتطياً دبابة على الأقل... ولما وجدته دون تقبُّل طرحي، طرحت مجدداً ما وددت أن يعيه حتى لا يظنني قد ضنيت عليه بما وهبته سلاحاً ومالاً، فذكرت له رسام الكاريكاتير المبدع الموهوب سامر الذي يستحق موقع وزير الدفاع والطيران بأي دولة من دول الخليج العربي (جدا)، ولكان الزميل المملوح يحزم أمتعته مغادراً لاستلام موقعه الجديد كأمين عام لحلف الأطلسي، ثم رغبت في رفد صاحبي برسالة تبصير وتوعية بمعنى قيم الجهاد وحق الوطن، فذكرت له بعض الشواهد، فما ربحت لديه تجارتي وما حصد فائدة.. فعدت لأخبره أن ذلك المجاهد الذي يقرع بالطاسة أو المرفع مع كل زامل جديد لأنصار الله يستحق موقع "بيتهوفن" وثروة خمسة من أصحاب السمو الملكي في أقل تقدير.. ومن هؤلاء المجاهدين أنتقل ومعي صاحبي والقارئ الكريم إلى الشكل الآخر من الناس، ولكن عبر جسر يحضرني الآن، وهو تلك التجربة التي قرأت عنها منذ سنوات وخلاصتها أن عدداً من أصحاب الفضول في مصر قدموا في تجربة عجيبة لأحد الخيول أمه ليطأها بعد أن عصبوا عينيه وفعلوا أمورا أخرى حتى لا يعرف أنها أمه، ثم كشفوا له الحقيقة وأدرك ما عمل فما كان منه إلا أن عض جهازه التناسلي حتى فارق الحياة... وسواءً أكانت الحكاية هكذا أو لحق بها قدر من التشويه فإنها في المعنى والمبنى أصدق ما ينطبق على بغال بأجساد بشر ينقضون على أمهم -والوطن أم وجد- بأسنان وعصي وبارود الأعداء لمجرد النيل من وهم والاقتصاص من لسعة لدبور فاض به كيلهم ومكائلهم فأراد لهم اليقظة، البغال التي تدنو من الشيطان بأكثر من ما يقترب الشيطان نفسه منهم، والحق أنهم لن يضروا الوطن بأكثر من الأذى فليسوا غير ذلك القذى الذي تلفظه الأعين.. بغال خُلقت لكيد بلادها، يا ليتها لم تُخلق.