سنضرب مثالا عن الكيفية التي يفكر بها الإرهابيون الوهابيون في تحويل المأثورات إلى أحكام يسمونها "شرعية"، حول قضايا خطرة..إرهابي وهابي، نصف متعلم، أصَّل للإرهاب تأصيلا "شرعيا"، وتأصيله "الشرعي" هذا لم يعتمد على القرآن ولا أي مصدر تشريعي معتبر.. أتدرون علام اعتمد في تأصيله للإرهاب؟ على رواية في كتاب السيرة، بطلها رجل كنيته أبو بصير، واسمه عتبة بن أسيد.. فقيه يقول له: يا إخواننا، نحن جميعا في هذا البلد محكومين بدستور وقوانين دولة إسلامية مصادر التشريع فيها القرآن والسنة ووو، فلا يجوز لكم الخروج عن نظام الدولة، لا يجوز القيام بأي أفعال تجرمها قوانين الدولة، ولا يجوز قتل السياح الأجانب مثلا، لأن هؤلاء دخلوا البلاد بموجب إذن من الدولة، فبمجرد أن تمنحهم تأشيرة دخول يصبحون في ذمتها، لأن التأشيرة بمثابة عهد بين الدولة والسائح، إلى جانب أن السياح مواطنين من بلدان بينها وبين اليمن اتفاقيات وعهود دبلوماسية وثقافية واقتصادية، فأفعالكم يا جماعة غير شرعية ولا مشروعة.. يرد عليه الوهابي الإرهابي: دستور وقوانين الدولة تلزمها هي ولا تلزمنا، واتفاقياتها مع الدول الكافرة لا تعنينا، وإذنها للأجانب الكفار بدخول اليمن لا يحميهم منا، ومن جاء سنقتله لأنهم يتجسسون على المسلمين.. يسأله الفقيه: هات لنا دليلا شرعيا على ما تقول؟ قال: أبو بصير رضي الله عنه، ألا تعلم ما ورد في سيرة ابن هشام وغيره؟ فأبو بصير رأى أن عهد الحديبية الذي تم بين الرسول صلى الله عليه وسلم، وممثل قريش سهيل بن عمرو، عهد ظالم، لذلك لم يقبل به، وخرج إلى جهة البحر الأحمر يتقطع لقوافل مشركي قريش، ويقتل منهم من قدر عليهم، خاصة بعد أن انضم إليه جماعة من المسلمين، فأبو بصير قام بذلك لأنه لم يكن طرفا في عهد الحديبية، ونحن اليوم لسنا معنيين بدستور وقوانين الدولة، ولسنا طرفا في الاتفاقيات التي تعقدها مع دول الكفر.. يقول له الفقيه: رواية في كتاب سيرة لا تصلح للاحتجاج واستنباط حكم في مسألة خطيرة كهذه، ثم إذا كان أبو بصير قدوتكم، فهذا الرجل تمرد على عهد أحد طرفيه رسول الله، وهو حاكم دولة المدينة، كما أن الرسول غضب على أبي بصير ولم يقبل بأفعاله، بل قال عنه: مسعر حرب لو معه رجال، كما أن أبو جندل وهو ابن ممثل قريش سهيل بن عمرو، جاء من مكة هاربا بدينه، بعد إمضاء عهد الحديبية، فقال له الرسول: قد عقدنا الصلح مع القوم ونحن لا نغدر، فارجع مع أبيك، ورجع ولم يذهب مع أبي بصير، كما عارض عمر العهد في البداية، فرده أبو بكر إلى الصواب، فكيف تقلدون شخصا غضب عليه رسول الله، وتفعلون مثل فعله الذي أباه الرسول؟.. وجلس الفقيه يقلب له الحجج، والإرهابي متمسك بموقف أبي بصير وسيرة ابن هشام، وغلب الفقيه بتعصبه وتحجره.