استيقظت عدن أمس على مجزرة إرهابية بشعة اهتزت لوقعها أرجاء اليمن، وأعادت إلى الأذهان جريمة (العرضي) في العاصمة صنعاء، كما وضعت تساؤلات عن مستقبل بلد يعمل تحالف العدوان بكل إمكانياته على تدمير مؤسساته العسكرية والأمنية، وتمكين التنظيمات الإرهابية (القاعدة وداعش). وبالرغم من أن الجرائم الإرهابية باتت مشهداً مألوفاً في إطار التصفيات بين فصائل عملاء الاحتلال، منذ تمكين القاعدة وداعش في عدن ومعظم المحافظات الجنوبية، إلا أن الجريمة هذه المرة استهدفت شريحة بعيدة عن الصراع والسلطة، حيث اغتال الإرهابيون (مسنين وممرضات) في دار العجزة. ووفق ما أوردته ل"اليمن اليوم" مصادر أمنية عن التحقيقات الأولية فإن (4) مسلحين "ملثمين" طرقوا باب الدار التاسعة صباحاً، وأخبروا الحارس بأنهم في زيارة ل"والدتهم" لكن بمجرد فتح الحارس لباب الدار، باشر المسلحون بقتله وإطلاق النار من أسلحة آلية بعشوائية على العاملين والمسنين، "دون تمييز". وأشارت المصادر إلى أن بين القتلى (5) مسنين وحارس من أبناء عدن، و(10) أجانب من كادر الدار، بينهم (4) ممرضات من أصول هندية، بينما تمكنت أخرى من النجاة، إضافة إلى مسن كان يؤدي الصلاة في الجامع، وعاملة نظافة. ووفق بيان صادر عن شرطة عدن، فإن المسلحين استخدموا سلاحا مزودا بكاتم صوت، وصفوا جميع الأجانب العاملين في الدار عدا ممرضة هندية نجت بأعجوبة. وتقع الدار في حي عبد القوي بمديرية الشيخ عثمان، وتحاذي قسم شرطة المديرية الذي استقبل، أمس الأول، عددا من المدرعات "الإماراتية" والأفراد المدربين إماراتيا، لتعزيز الأمن في المديرية، وبات المركز محط أنظار الأمارات مؤخرا . وقد آثار الهجوم ردود أفعال مختلفة في الأوساط الاجتماعية والسياسية في عدن وفي عموم البلاد. فبينما اعتبره الحراك الجنوبي يعكس عدم تمكينه من السلطة في المحافظة، دعا ناشطو الإخوان (الإصلاح) المدعومين سعودياً إلى إقالة محافظ عدن، عيدروس الزبيدي ومدير الأمن، شلال شائع، المحسوب على الحراك المدعومين إماراتياً. وعبر المجلس الأعلى للحراك في بيان له، أمس، عن إدانته للجريمة، مشيرا إلى أن عدن لم تشهد في تاريخها "عملية إجرامية مماثلة". وأشار البيان إلى ما أسماها "سلطات الشرعية والتحالف" قائلاً بأنها لا تتعامل بجدية لوقف أعمال القتل في عدن "وتستبعد إشراك جيش الجنوب والمقاومة الجنوبية في ضبط الأمن"، حسب توصيفه، محملا الجهتين مسئولية ما آلت إليه الأمور في المدينة. كما دعا الأطياف السياسية إلى الأخذ "بزمام المبادرة". من جانبه أكد محافظ عدن، عيدروس الزبيدي، في بيان صادر عنه أن "ما حدث اليوم في دار المسنين لهو دليل آخر على أن موجة الإرهاب تستهدف الجميع دون استثناء، وهو ما يستوجب الاصطفاف منا جميعا لمواجهة هذا الإرهاب المجنون، ولنقف بحزم ضد تلك العصابات الإجرامية بقلب ويد رجل واحد". وقال في بيان صادر إن هذه الجريمة الإرهابية النكراء، والتي تضاف إلى سلسلة الأعمال الإرهابية، لن تمر بدون عقاب رادع وقصاص مستحق على تلك الفئة الإجرامية التي تجاوزت كل حد، وأصبحت تقتل لمجرد القتل، وتنفيذاً لأجندات تستهدف إخضاع عدن وأهلها. وكان الزبيدي حذر في وقت سابق من سيطرة القاعدة وداعش على الحكم في عدن والجنوب بشكل عام، مؤكداً في حوار مع صحيفة الوطن المصرية، أن القاعدة وداعش استفادا من عملائهما في صفوف (المقاومة) ودعم التحالف، وأنهما يدربان عناصر جديدة يومياً في عدن. من جانبها، دعت نحو (19) منظمة خاصة إلى التظاهر اليوم أمام مبنى المحافظة، تنديدا بالجريمة. وقالت في بيان مشترك لها "لا بد من سرعة ضبط الجناة وتقديمهم للعدالة". وربط ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي الجريمة بجريمة العرضي، عندما اقتحم إرهابيون مجمع وزارة الدفاع الطبي، وشرعوا بقتل المرضى والأطباء بدون استثناء.. واعتبر القيادي في الحراك الجنوبي، أحمد عمر بن فريد، ما يدور في عدن محاولات للدفع بقيادات سلطة الحراك إلى الاستقالة، مطالبا في الوقت ذاته تلك القيادات بالثبات. وكان أهالي في كريتر شيعوا، أمس، جثمان الناطق الرسمي باسم ما تسمى اللجان في أبين، محمد حسين الوحيشي وشقيقه، بعد ساعات من اغتيالهما برصاص مجهولين في المنصورة. يأتي ذلك فيما جدد المبعوث الدولي إلى بلادنا إسماعيل ولد الشيخ تأكيده سيطرة التنظيمات الإرهابية في عدنوالمحافظات الجنوبية، وأشار في جلسة مجلس الأمن المنعقدة في وقت متأخر من مساء أمس الأول، إلى ما يقوم به تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وكذلك فرع تنظيم (داعش) في أبينوعدن والمجاميع المسلحة المحلية في عدن من شن هجمات متكررة، مؤكداً أن غياب القانون في المدينة لا يزال يحول دون نشر موظفي الأممالمتحدة هناك. وكان ولد الشيخ أكد في إحاطته السابقة، مطلع الشهر الفائت، أن القاعدة من خلال سيطرتها على المكلا تسيطر على الملاحة وتجارة النفط غير القانونية.