الزحوفات المتكررة على ميدي تكشف النوايا السعودية السوداء، ليس تجاه اليمن، فالنية تجاه بلادنا معروفة سلفاً، ولكن تجاه أي محاولات جادة لإنجاح مفاوضات من شأنها أن تفضي إلى تهدئة، وإلى إيقاف العدوان وتبعاته من مواجهات داخلية في كل الجبهات. الوقائع التي قادت أنصار الله إلى تقديم إثباتات حسن النية، والتي تعد بمثابة تنازلات قد يراها الشعب من قبيل الانبطاح، فالحقيقة تقول غير ذلك وتشي أن أنصار الله لم يعجبوا الكثير، وهم يحاربون أو عندما يجنحون للسلم والتهدئة.. وهذه أحكام غير منطقية على الجماعة.عموما وعلى الرغم من الجهود السلمية من جانب اليمن، تظل زحوفات ميدي هي الرهان السعودي حالياً على إفشال المفاوضات، ووضع العراقيل في الطريق إلى العاشر من أبريل، ناهيك عن استمرار الغارات الجوية كدلالة إضافية على ذات النية السوداء، ورفع وتائر الاستفزاز إلى الحد الأقصى. وفي سياق متصل لم يكن موقف المؤتمر الثابت من استمرار العدوان، إلا بمثابة إلقاء صخرة كبيرة على المياه الدولية الراكدة، إذ لا بد من وقوف العدوان قبل الجلوس على طاولة، وكيف للمُعتدي عليه، أن يصل مع المعتدي إلى نقطة تفهم بالتواكب مع الاعتداء، حيث اتضح أن ميدي حجر الزاوية الآن في تثبيت أي عملية سلام، وهنا لابد أن يتذكر اليمنيون الاعتداء السعودي في ستينيات القرن الفائت، حين حاولوا الدخول إلى الحديدة لنجدة الملكية البائدة، وهاهم اليوم يناورون من ذات الجبهة، لإبقاء جذوة الحرب ملتهبة. تلك هي الصورة العكسية السعودية المواجهة لنزوع اليمنيين للسلام.. وتلك هي الوضعية اليمنية الواضحة لإنجاح مفاوضات الكويت.. وضعية تمهد أيضاً لتقريب وجهات النظر وبالتالي يتم الاكتفاء بكسر الزحوفات المتتالية وتمزيق فلولها، وتشتيتها بين أسعد وأرعد كما يقول المثل اليمني، ولم يتعظ آل سعود ومنتفعيهم من هذه البسالة وهي في موضع المدافع، احتراماً لما تم الاتفاق عليه مبدئياً.. في الوقت الذي تقدم السعودية نموذجاً مختلفاً يؤكد أن الغدر من صميم تكوينهم ونشأتهم الملتبسة تاريخياً، فهم يمدون يدا للحرب وأخرى لإسناده.. لا أخرى للسلام مطلقاً.. وليشهد الله، إنه نعم المولى ونعم النصير.