لا أعتقد أن الشعب السعودي غبي إلى هذه الدرجة. كذلك شعوب العالم العربي والإسلامي ليست مستحمرة إلى هذه الدرجة أيضا.. فما جدوى استهداف أهم الأماكن المقدسة للعالم الإسلامي (مكةالمكرمة)؟.. وأي خصم بليد يقدم لعدوه هدية مجانية تمنحه الدعم والتأييد، وتؤدي إلى نقده وتحقيره وهلاك نفسه. ؟!. حتى وإن افترضنا جدلا استهداف مكة، فليست أقدس من دماء الشعب اليمني التي تسيل ليل نهار، ولمدة عامين كاملين. ألم يقل الرسول (ص): (لهدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من قتل مسلم). كذلك، ليست أعظم جناية من موت وهلاك شعب كامل قتلا وجوعا وتشريدا وحصارا وتدميرا. في لحظة واحدة، وفي مكان واحد، سفكوا دماء أكثر من ألف يمني، وتفحمت مئات الجثث أمام مرأى العالم ومسمعه، ولم ينبس أحد ببنت شفة، لا علماء الأمة الإسلامية، ولا مجلس التعاون الخليجي، ولا الجامعة العربية، ولا الأممالمتحدة، ولا المنظمات الحقوقية والإنسانية. صمت العالم وكأن الذين سقطوا وتفحموا ليسوا من بني الإنسان. وحين وجه صاروخ باتجاه مطار عبدالعزيز بجدة، صحى ضمير هيئة علماء الحرمين، ومفتي القدس والأراضي الفلسطينية، ومفتي مصر، وعدد كبير من علماء الأمة العربية والإسلامية، والجامعة العربية، والتعاون الإسلامي، ونهض وزراء خارجية كثير من الدول العربية والإسلامية والأجنبية. مع أن الصاروخ حسب تصريحاتهم وتأكيداتهم لم يسفك دم امرئ واحد، وقد أسقط على مسافة (65كيلو) من مكة وهو في طريقه إلى جدة. هذا التهويل الإعلامي والضجيج السياسي المفتعل هدفه وغايته الحقيقية تحفيز السنة وتحريضهم واستفزازهم وتأجيج مشاعرهم لخوض معركة طائفية يعد لها، وهي آتية حتما بين السعودية رأس السنة وإيران رأس الشيعة. لقد رأت السعودية نجاح خصمها اللدود (إيران)، في تحفيز الشيعة في المنطقة تحت يافطة (دم الحسين)، فالشيعة في العراق ولبنان والبحرين واليمن -(وغدا في المنطقة الشرقية بالسعودية)- يقاتلون تحت الرايات الخضراء، ويرددون شعارات واحدة (هيهات منا الذلة) و(لبيك يا حسين). السعودية في ورطة كبيرة وتحس اليوم بالضعف والهزيمة، وأن ظهرها مكشوف، في ظل تفرق أهل السنة وعدم تأييدهم ومساندتهم لها في حربها على اليمن، وتوقع الموقف نفسه في حال مواجهة إيران مستقبلا. ولذلك، تحاول السعودية أن تجعل من (مكة) قميصا عثمانيا جديدا، كما صنعت إيران لنفسها قميصا من دم الحسين. هي محاولة بائسة وفاشلة وفارغة من محتواها، لأن الشعوب العربية والإسلامية تدرك أن كل مصائب الأمة مبعثها الفكر السعودي وكذا المال السعودي، وأن أكثر من تضرر من هذا المال والفكر هم السنة، فمن الذي قتل أسد السنة (صدام حسين) وقضى على نظامه وجيشه غير السعودية. ومن الذي فرط في فلسطين السنية تاريخيا غير النظام السعودي، ومن الذي قتل الشعب اليمني ومنع عنه الغذاء والدواء، ودمر جيشه ومزق نسيجه الاجتماعي؛ ليخدم خصوم السنة وحلفاء إيران غير النظام السعودي. السعودية كنظام وفكر ومرجعية هشة جدا، فلا أفكار لديها ولا خطط ولا استراتيجية. السعودية لديها مال فقط تنفقه في سبيل إسقاط الأنظمة السياسية التي لا تسجد لها ولا تسير في ركبها.. السعودية لديها مال تبعثره على سفهاء العالم في صفقات سلاح لقتل أطفال اليمن وسوريا، وتجويع الشعوب العربية وتشريدها وتمزيقها من الداخل. إن الوقائع والتحولات تقول أن إيران ستنتصر بقميصها المنسوج من دم الحسين كما انتصر بنو أمية بقميص عثمان.. أما السعودية، فهي في الطريق إلى الهلاك والزوال، ولن ينجيها قميص مكة ولا سروال المؤسس.