يبدو أن أي مساع وطنية لا تتحرك في إطار دعم وترجمة توجهات المجلس السياسي الأعلى، ليست سوى فائض عبثي يقدم النصرة لقوى العدوان، وأي جهود تنطلق بمنأى عن أهدافه، وتتجاهل خطواته وإجراءاته، هي إمعان غبي في توفير ذرائع للعسف السعودي السادر في غيه، وتؤسس لتعميد النظرة الدونية التي يشنها المجتمع الدولي المنافق جنباً إلى جنب مع ما تشنه طائرات العدوان من غارات، كما أنها تعمل على إزالة المحاولات الوطنية لاستنهاض دور المؤسسات التشريعية والدستورية والمرافق العامة للدولة، التي ستعمل على نسف وإلغاء مزاعم تنظر إلى القوى الوطنية بمعيار التمرد والانقلاب، كما أنها تغيب دلالات شرعية القتل والتدمير والخراب، التي يتبناها هادي وحكومته الفارة المسترزقة على دماء اليمنيين جميعاً. الرؤية التي تقدمها القوى الوطنية بقيادة المؤتمر، للحلول وإنهاء الحرب ودحض المظالم التي يتعرض لها الوطن والشعب، ولا بد أن تكون مسنودة بالدفع في اتجاه المجلس وسياسته وشريعته الشعبية التي استمدها من مجلس النواب، للملمة أشتات الدولة والربط بين الأجهزة بشكل إشرافي مؤقت تزول بعض تأثيراته بتشكيل حكومة بعد الانتقال من حالة الفراغ السياسي الذي تعانيه البلد (فلا تقلقوا يا خُبرة). مجلس النواب الممثل الشرعي لأبناء الشعب، وما دون ذلك يبقى ذلك اصطراعا مع طواحين الهواء، بما يؤثر على يد السلام التي يمدها المجلس السياسي، وما تتبع هذه اليد من فرص مواتية لرفع المعاناة، وإيقاف حمام الدم الذي تريقه السعودية، بالمال النفطي المدنس، فقد أثبت واقع الحال أن مصالح الناس مع الدولة، ولا مصالح للدولة مع الناس إلا ضمن المصلحة الوطنية العليا والجمعية، ولا أريد القول إن بعض القوى الوطنية، لا تدرك أهمية هذا المسار، وذاك خيار سيزيد من مثالب الانهيار والتردي، الذي يطمح إليه، وتعمل لأجله عصابات هادي ومرتزقة السعودية وأمريكا وأعوانها في المنطقة، فالمؤشرات الفاضحة للمناورات الأخيرة لإدارة أوباما، من خلال تحركات كيري في المنطقة تحاول الظهور بوجه يكرس إضاعة الوقت طبقاً لنتائج الانتخابات الأمريكية وإفرازاتها، والإيهام المصاحب لحدوث تحولات لا يهمها اليمن وفوضاه ودماء أبنائه، ومن هنا فإن الاشتغال على مسار لا يراعي أي إجراء سياسي يكشف الأبعاد والنوايا التآمرية على البلاد لن يخدم القضية، ما لم تصطف القوى الوطنية في الداخل، وتخضع لإرادة الأكثر خبرة والأعمق دراية والأعم مسؤولية والأعلى شعبية والأصدق رؤية والأقرب إلى هموم الجماهير والمعبر عن أناتهم وآهاتهم، والتي تجتهد لحفظ البلد وصونه ونصب هيلمان الدولة في دفاعها عن الوطن من جهة، والسير بمقتضى مصلحة المواطنين والإقلال من شبح الإفقار والتجويع كنسق عدواني ثان يستهدف إلى جوار البشر الحالة الاقتصادية، بوحشية توازي وحشية سفك دماء الأبرياء وإزهاق أرواحهم، وليفهم البعض الرسالة، واقرؤوا قصيدة الغزو من الداخل للبردوني العظيم.