يصعب استجداء السلام من نظام يفكر بذهنية التآمر التاريخي ويتسلح بذخائر عنقودية وقنابل فراغية، أقر التحالف العربي مؤخراً باستخدامه قنابل عنقودية ثم واصل توحشه على بلد أعزل، على أية حال ليس بوسع اليمنيين الآن رفع دعوى جنائية أمام المحاكم الدولية، فقط يتعين عليكم أنتم أن تفعلوا شيئاً..! وإن لم يكن المجتمع الدولي ليفعل شيئاً لأولئك اليمنيين الذين يسكنون على خط النار ويحلمون برغيف خبز ساخن، ويمنون أنفسهم بعائلة وبيت آمن..! قد يتسبب الانتظار وقتا أطول بسقوط الآلاف من القتلى الجدد. على لندن التي تتولى تدريب الجنود السعوديين وتقدم لهم الإسناد اللوجستي، الاستجابة الفورية لإيقاف عقود تصدير الأسلحة للسعودية وعدم المضي في إبرام المزيد من صفقات التسلح الجديدة التي يعقدها النظام السعودي بوتيرة متزايدة. إنسانياً، يفترض أن يتم تجريد المملكة السعودية من الأسلحة المحظورة والتي لازالت تضع يدها على مخزون ضخم من الذخائر العنقودية وتحارب بها المدنيين بطريقة مفرطة، وبقاؤها بيد متهور يهدد حياة من تبقى من اليمنيين بحجج مجنونة تجعل من مربعات الاستهداف مناطق منكوبة وغير صالحة للعيش الآمن، وتعدم الحياة فيها وتعطلها على المدى البعيد..! لا يذكر التاريخ أن فاشية مارست وحشيتها وهي في حالة استرخاء تام مثلما يفعل التحالف العربي الذي تقوده المملكة السعودية في حربها ضد اليمن، يتكأ على دبابة "البرامز" ويجاهر بنازيته ثم يستمر في مواصلة التسلح والانفتاح كلياً على خيارات الحرب، ويلقى استجابة دولية حتى وقد تلقت بريطانياوأمريكا ومعها المجتمع الدولي تأكيداً رسمياً من الرياض بحقيقة تورط تحالف المملكة باستخدام قنابل عنقودية، بعد أن خرج اللواء عسيري في وقت سابق لإنكارها وتكذيبها والطعن في التقارير الإعلامية التي كشفت عن الاستخدام المفرط والسيئ للأسلحة المحرمة دولياً وللذخائر العنقودية التي تفتك بالمدنيين في اليمن، ونالت وقتها الكثير من التسخيف والاستهزاء لولا تنامي الضغوط على الحكومة البريطانية وما حصلت عليه لاحقاً من نتائج تحقيق يثبت يقيناً تورط السعودية بصب قنابل عنقودية بريطانية الصنع على رؤوس اليمنيين، في وقت تتطلع المملكة السعودية لتعزيز علاقاتها مع بريطانيا كحليف استراتيجي بديل يمكن أن تتخفى خلفه وتواجه به أمريكا ترامب، حالياً وعملياً تجري الأمور على هذا الشكل، إذ ترتسم الصورة أكبر في زلة لسان وزير الخارجية البريطاني الذي صرح بأن "السعودية تشارك في تحريك (دُمى) وفي حروب بالوكالة في منطقة الخليج" وتلقى بسببه توبيخاً لاذعاً من مكتب رئيس الوزراء البريطاني الذي أكد أن التصريح لا يعكس موقف لندن الرسمي..! إيهام الرأي العالمي بحق المملكة السعودية في تأمين أمنها القومي ومواجهة خطر المد الفارسي لا يتأتى بقتل اليمنيين وتصفيتهم بذخائر عنقودية، وبالسعي الحثيث على تقسيم اليمن وتدمير بناه التحتية بقنابل فراغية وأخرى سامة، وكأن المجتمع الدولي كان ينقصه فقط تأكيد رسمي يقر فيه التحالف العربي بحقيقة فاشية ليست إلا واحدة من أكبر حقائق الحرب، وها هو ذا قد حصل عليه. إن غض الطرف عن هكذا واقع بات مخجلاً وصادماً ويدفع المجتمع الدولي إلى دائرة التورط وجعله اليوم أكثر تواطؤاً في كل الجرائم النازية التي ترتكب بحق اليمنيين منذ عشرين شهراً.