أكد الدبلوماسي الأوروبي والمستشار السياسي في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي، إلدر ماميدوف، تكسر صورة المملكة العربية السعودية كقوة إقليمية في جبال وصحارى اليمن. وقال في مقال تحليلي نشره موقع (Lobe Log) الأمريكي إن السعودية فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق أي من أهدافها المرجوة من الحرب غير تدمير البنية التحتية، ولا تزال عالقة في وحل اليمن. واعتبر الدبلوماسي الأوروبي، أن هادي الذي تدعمه السعودية أصبح وبشكل متزايد عائقا وعثرة، وذلك لافتقاره المرونة الدبلوماسية وفساده وسوء إدارته. نص المقال: في 14 ديسمبر، اعتمد البرلمان الأوروبي تقريرا عن السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، أدان فيه الحرب الوحشية التي يشنها التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وطالب بالتحقيق في اتهامات ارتكاب التحالف لانتهاكات ضد حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وحث الاتحاد الأوروبي على تعليق أي دعم للتحالف حتى تنفيذ هذا التحقيق ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. هذا التقرير يأتي في ختام عام شهد استمرارا لتآكل العلاقات بين السعودية والغرب، سواء عبر قرارات البرلمان الأوروبي التي طالبت الاتحاد بوقف شحنات الأسلحة للسعودية. ورغم أن قرارات البرلمان غير ملزمة، لكنها أثارت غضب المسؤولين السعوديين، الذين يعتقدون أنها تعكس نظرة الاتحاد الأوروبي تجاه الدور السعودي في الشرق الأوسط. أثار بعض الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تصريحات حادة على غير المعتاد، جان كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية، وصف المملكة العربية السعودية ب"النظام البغيض". كما وجه وزير خارجية المملكة المتحدة بوريس جونسون عاصفة من الانتقاد ضد المملكة على دعمها للتطرف. والآن هناك توافق في الآراء بين أجهزة الاستخبارات الأوروبية أن الوهابية التي ترعاها وتروج لها السعودية، قد ساهمت بشكل مباشر في بروز التهديد الإرهابي في أوروبا. الأمور ليست أكثر إشراقا على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي. اعتماد "الكابيتول هيل" الأميركي قانون "جاستا" الذي يسمح لضحايا هجمات 11 سبتمبر بمقاضاة السعودية، أضر العلاقات بين الولاياتالمتحدة والسعودية. مراقب مطلع في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط ذهب بالقول إلى أن "العلامة التجارية" السعودية قد تصبح سامة في الولاياتالمتحدة، لدرجة أن المملكة استعانت بدولة الإمارات للتوسط لدى الإدارة الأمريكية. تلك التطورات تتزامن مع فشل السياسة الخارجية الأكثر حزما التي اتبعها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث فشلت المملكة حتى الآن في تحقيق أي من أهدافها من الحرب ولا تزال عالقة في وحل اليمن. أصبح الرئيس هادي الذي تدعمه السعودية وبشكل متزايد عائق وعثرة، وذلك بسبب افتقاره للمرونة الدبلوماسية وفساده وسوء إدارته. زادت الإهانات الدبلوماسية والعسكرية للرياض، وخصوصاً، عندما التقى وزير الخارجية الأمريكي المنتهية ولايته جون كيري، مؤخرا، في مسقط مع ممثلي الحوثيين. اعتبر السعوديون أن هذا يمنح الحوثيين شرعية دولية. وباختصار، فإن الأداء السعودي في اليمن بعيد كل البعد عن إبراز صورتها كقوة إقليمية قوية كان من المفترض أن تقود بها المنطقة. على جبهات أخرى، فإن الوضع ليس أفضل بالنسبة للسعوديين. في سوريا، سقوط حلب بيد الحكومة السورية يعني هزيمة استراتيجية للمتمردين السوريين، الذين طالما دعمتهم الرياض، ما جعل النفوذ الإيراني يقوى ويزداد في سوريا. كما لم تثمر أيضاً، محاولات تواصلها مع روسيا. من الانتكاسات التي منتها السعودية، في مؤتمر أوبك في الجزائر تخلت السعودية عن سياستها الطويلة الأمد بضخ النفط بالقدر الذي تريده ووافقت على خفض الإنتاج بهدف رفع سعر النفط الخام. أما الدافع المحتمل لهذه الخطوة فكان نقص الأموال. ووفقا لدبلوماسيين أوروبيين رفيعي المستوى على اتصال بشكل منتظم بالسعودية، فإن الأثر التراكمي للفشل في السياسة الخارجية، وبخاصة في ما يتعلق باليمنوسوريا وتنامي الصعوبات المتعلقة بالوضع المالي المحلي جراء انخفاض أسعار النفط وتدهور صورة المملكة دولياً، يعزز إعادة المملكة للتفكير في استراتيجيتها. بعض الأصوات المؤثرة أكثر قبولاً الآن بالفكرة، وذلك بنصيحة من قبل الاتحاد الأوروبي، كما أن حالة عدم اليقين المرتبطة بإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تكون عاملا أيضا في دفع السعودية باتجاه سياسة أكثر ضبط للنفس مع تسوية بعض الخلاف مع إيران. *إلدار ماميدوف: عمل كمستشار سياسي في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي وعمل في وزارة الشؤون الخارجية في "لاتفيا"، وكدبلوماسي في سفارة "لاتفيا" في واشنطنومدريد. حاصل على درجة من جامعة "لاتفيا" والمدرسة الدبلوماسية في مدريد، إسبانيا.