كشفت صحيفة "الغارديان" عن تسريبات من بريد الحكومة البريطانية الإلكتروني، توضح أن الخارجية البريطانية، كسرت القواعد الوزارية الرسمية حول الحرب السعودية الدموية في اليمن، فيما ارتفعت الأصوات المطالبة في مجلس العموم البريطاني (البرلمان)، مؤكدة بأن انتهاكات السعودية للقانون الإنساني في اليمن "ضخمة جداً"، وأنه آن الأوان لتحقيق شفاف. وقالت الغارديان في عددها الصادر الأربعاء، إن رسائل البريد الإلكتروني للحكومة كشفت أن الخارجية البريطانية، استغرقت 23 يوما لتصحيح تصريحات وزارية كاذبة حول انتهاكات السعودية في حربها باليمن. وأظهرت رسائل البريد الإلكتروني أن وزراء كانوا ضللوا البرلمان في أربع مناسبات، بعد أن زعموا أن الحكومة قدمت تقييما حول عدم استخدام أسلحة بريطانية الصنع لانتهاك القانون الدولي الإنساني كجزء من الحملة العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن. وزعم هاموند، عندما كان وزيراً للخارجية، إن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن امتثل للقانون الإنساني. لكن وزارة الخارجية أكدت فيما بعد أنها لم تصدر أي تقييمات ذات صلة بالجرائم المرتكبة في اليمن. وأصدرت الحكومة البريطانية "بيانا تصحيحيا" لوزراء، من بينهم فيليب هاموند، كانوا قد زعموا بأن التحالف الذي تقوده السعودية في بلادنا، لم ينتهك أي خروقات للقانون الإنساني الدولي ولم ترتكب جرائم حرب. وأكدت وزارة الخارجية البريطانية -في بيان رسمي- أن تصريحات وزراء المملكة المتحدة بأن قوات التحالف التي تقودها السعودية لم تقم بأي خروقات للقانون الإنساني الدولي في اليمن، غير دقيقة ولا تمثل الحكومة البريطانية. وقال المسؤول بوزارة الخارجية توبياس الوود، في بيان مكتوب، إن التصريحات السابقة التي أدلى بها وزراء لا تعكس تماما حقيقة أن الحكومة لم تقدم أي تقييم ما إذا كان السعوديون قد انتهكوا القانون الإنساني في اليمن. وتعليقا على ذلك، قال توم بريك، المتحدث باسم الشؤون الخارجية في حزب الديمقراطيين الأحرار لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني إن الوزير، توبياس الوود "ربط نفسه في عقدة" للدفاع عن موقف الحكومة "النفاقي" تجاه حرب المملكة العربية السعودية في اليمن. وأضاف أن هذه القضية الدنيئة تشوه مكانة بريطانيا في العالم. حان الوقت لتحقيق شفاف كامل بشأن هذه المسألة. يجب على الحكومة أن تفتح فورا تحقيقا مستقلا في انتهاك للقانون الإنساني من قبل المملكة العربية السعودية وحلفائها في اليمن، وفي نفس الوقت يجب أن تعلق جميع الأسلحة للبلد المتهم باستخدام أسلحة بريطانية لاستهداف المدنيين الأبرياء. وجاء البيان التصحيحي بعد انتقادات واسعة من حزب العمال البريطاني والحزب الأسكتلندي، والحزب الليبرالي الديمقراطي المعارض ولجنة التنمية الدولية في البرلمان البريطاني، ومنظمات حقوقية، وكذا منظمة "حملة ضد تجارة الأسلحة (CAAT)". وكتب المتحدث باسم حزب العمل السابق هيلاري بن، لرئيسة الوزراء تيريزا ماي، يحثها على التحقيق في ما إذا كانت الخارجية البريطانية قد انتهكت القواعد الوزارية، بسبب تأخر الحكومة عن تقييم الحرب السعودية في اليمن. وعلى ضوء ذلك دعت النائبة في حزب العمال آن كلويد، إلى فتح تحقيقات في تصريحات وزارة الخارجية ووزيرها السابق فيليب هاموند حول الصراع في اليمن. من جانبها قالت لجنة مجلس العموم البريطاني (البرلمان) بشأن ضوابط تصدير الأسلحة في تقرير مسرب نشرته الغارديان: "إن حجم الأدلة على انتهاكات القانون الإنساني الدولي من قبل قوات التحالف التي تقودها السعودية في اليمن ضخم جداً، بحيث يصعب مواصلة دعم المملكة العربية السعودية مع الحفاظ على مصداقية تراخيص أسلحتنا للنظام السعودي". واتهم الحزب الوطني الأسكتلندي بالفعل حكومة المملكة المتحدة بتضليل الرأي العام بشأن الأزمة في اليمن، بعد أن اضطرت لسحب البيانات الخطية والشفوية بشأن تقييم وزراء أن المملكة العربية السعودية لم تخرق القانون الدولي الإنساني في اليمن. وقالت مارغريت فيرير، نائبة في الحزب الوطني الأسكتلندي، إن على الحكومة البريطانية أن تتحمل المسؤولية لتطهير اليمن من القنابل العنقودية بريطانية الصنع التي لم تنفجر في اليمن. ودعت مارغريت فيرير حكومة بلادها إلى "تنظيف الفوضى" و"إظهار مستوى مناسب من المسؤولية" وتخليص البلاد من الذخائر العنقودية، وقالت: "إن على المملكة المتحدة وضع قضية المدنيين الأبرياء في اليمن أولا". وأضافت: "هل ستقوم الحكومة البريطانية بمسؤوليتها لضمان تنظيف جميع الذخائر العنقودية بريطانية الصنع من اليمن، والعمل جنبا إلى جنب مع مؤسسات إزالة الألغام الوطنية؟". وتابعت: "باختصار، ما أطلبه من الحكومة هو تنظيف الفوضى التي قامت بها، وإظهار مستوى مناسب من المسؤولية". واعترفت وزارة الدفاع البريطانية، بأنها صدرت 500 قنبلة عنقودية للسعودية في الثمانينيات من القرن الماضي، وتستخدم في قصف اليمن حالياً. وبحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، قال وزير الدفاع، مايكل فالون، إنه تم تسليم 500 قنبلة عنقودية إلى المملكة العربية السعودية من المملكة المتحدة بين عامي 1986 و1989. وتقول التقارير الصادرة عن (CAAT) ولجنة التنمية الدولية في البرلمان البريطاني، إن الأدلة المتزايدة على القصف العشوائي من قبل قوات التحالف التي تقودها السعودية في اليمن، تثير تساؤلات خطيرة بشأن تراخيص الحكومة المستمرة، بنقل الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية. ووفقا لمنظمة "حملة ضد تجارة الأسلحة (CAAT)"، وافقت الحكومة البريطانية على بيع أسلحة إلى السعودية بقيمة 3.7 مليار دولار أمريكي، مما يجعلها أكبر زبون لمصنعي الأسلحة البريطانية. وتواجه المملكة المتحدة اتهامات بمشاركة السعودية في ارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين في اليمن، ودعوات إلى وقف مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية التي تستخدمها في تلك الجرائم.