لن تكون اليمن ساحة حرب بين الولاياتالمتحدةوإيران، لأنه ببساطة لن تكون هناك حرب أصلاً بين الدولتين لا في اليمن ولا في غير اليمن في المدى القريب على الأقل. أمريكا التي لم تشن الحرب على إيران بالأمس بسبب تجربة صواريخها شهاب بعيدة المدى لن تشنها اليوم بسبب تجربة صاروخ قصير المدى، وأمريكا التي سحبت قواتها من سهول العراق النفطية ولم تقاتل الوجود الإيراني الحقيقي هناك ولم ترسل قواتها للسيطرة على سوريا آخر القلاع الروسية في حوض المتوسط ومنطقة الشرق الأوسط والقضاء على الرئيس الأسد حليف إيران الحقيقي وسند حزب الله وعدو إسرائيل، وإنما تخلت عن ليبيا لخصمها في لعبة الاستراتيجيا الدولية روسيا بوتين، لن ترسل قواتها ليقتلوا في جبال اليمن لا حرباً على إيران ولا على غير إيران، ولو حاربت إيران فلن تختار تضاريس اليمن الصعبة ساحة للمعركة بدلاً من الأراضي الإيرانية. البوارج الأمريكية في باب المندب وخليج عدن موجودة منذ سنوات ولديها ولحلفائها قواعد عسكرية في عصب والقرن الأفريقي، وهي تقدم الدعم اللوجستي وتساند قوات تحالف العدوان السعودي منذ بدء العدوان. الإعلان عن البارجة الأمريكية في باب المندب وتصريحات بعض المتحدثين باسم الرئيس الأمريكي يوم الخميس الماضي التي تتهم إيران بهجوم لم يحدث على سفينة أمريكية قبالة السواحل اليمنية، والقول بأن الهجوم على الفرقاطة السعودية كان يستهدف مدمرة أمريكية الذي نسبته الفوكس نيوز يوم الثلاثاء إلى مسئولين في البنتاجون ومحللين في المخابرات لم تسمهم، وتصريحات ترامب النارية ضد إيران وتأكيدات نائبه على جدية الغضب الترامبي وتحذيرها من محاولة اختيار مصداقيته، كل ذلك أيضاً لا يعني أن هناك تحولاً في مسار الصراع الأمريكي الإيراني الدائر منذ ما يقارب الأربعة عقود، وأن أمريكا ترامب ستقدم على ما لم تقدم عليه أمريكا ريغان وبوش الأب والابن وكلينتون التي شنت الحروب على ليبيا وأفغانستان والعراق ولن تعلن الحرب على إيران في اليمن بسبب هجوم إيراني لم يحدث على بارجة أمريكية، أو لأن الهجوم على الفرقاطة السعودية يحتمل أن يكون المقصود به مدمرة أمريكية. تصريحات ترامب النارية حول الحرب على الإرهاب واغتيال أولاد الذهب وقصف المراقشة كتصريحاته النارية حول الحرب على إيران خصوصاً في اليمن، كجدار المكسيك الذي لن يقام والقيود على دخول مواطني سبع دول لمدة تسعين يوماً والانسحاب من اتفاقية التجارة عبر الهادئ الهامشية وكنقل السلطة الوهمي إلى الشعب الأمريكي وإلغاء التأمين الصحي.. إلخ. كلها مفرقعات في موسم الضجيج الذي يراد له أن يقنعنا بأن هناك أمريكا جديدة. الحقيقة هي أن عنوان الفورين بوليسي "الحرب الأمريكية على إيران ستبدأ من اليمن" ليس غير منديل وهمي لتجفيف دموع المملكة على سوريا، ومن إهانات ترامب طيلة الحملة الانتخابية، وتهليل وسائل إعلام العدوان ومرتزقته واحتفاؤهم المبالغ فيه تصريح مبطن يعجز تحالف العدوان ومرتزقتهم، وتلهف صريح لوجود معين ونصير يمنحهم القوة اللازمة للنصر في معركتهم الوهمية مع إيران، وعدوانهم الفاشل على اليمن، ولا يوجد أقوى من أمريكا.. آملين أن القوة العظيمة التي تقاتل معهم في سوريا ستفعل ذلك في اليمن، وسيخيب أملهم كثيراً وسيصطدمون بواقع أن هذه القوة العظمى لا تعتمد مطلقاً في رسم سياساتها وفي اتخاذ قراراتها الاستراتيجية على قناة الحدث والجزيرة ولا تعبأ كثيراً بما يقوله عسيري ومحللو الأجر اليومي في سكاي نيوز. لن تحارب أمريكاإيران في اليمن من أجل المملكة، ولكن ألا يمكن أن تحارب أمريكااليمن للسيطرة على مضيق باب المندب وإقامة هونغ كونغ أمريكية على خليج عدن؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه لاحقاً..