نشرت مجلة (بوليتيك) البريطانية التابعة لمجلس العموم البريطاني (البرلمان) رؤية لحل الأزمة اليمنية، قدمها عضو مجلس العموم عن حزب العمل ورئيس المجموعة البرلمانية بشؤون اليمن (كيث فاز) المولود في عدن، حيث كان والداه ضمن قوات الاحتلال البريطاني مطلع الستينات. تتضمن الرؤية توصيفا ل "مأساة اليمن" حيث يشير صاحب الرؤية إلى أن "هذا البلد نجا من موجة (الربيع العربي) عام 2011م، دون أن تسفك دماء، وتم منعها من السقوط في حرب أهلية، وأجريت انتخابات وتداول سلمي للسلطة، لكنه سقط بعد ذلك، ويتم تقسيمه الآن ومساحات شاسعة باتت تحت سيطرة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب". الرؤية حددت خارطة طريق من 5 بنود ترتكز على إلغاء القرار 2216 وبينت العقبات، حيث اللاعبين الذين هم اليوم جزء من (لعبة العروش) المعقدة في الأزمة اليمنية كثيراً. كما وضعت تصوراً مأساوياً لمصير اليمن في حال استمرت الحرب، حيث سيواجه (المهلكات الأربع): "القاعدة وداعش، والمجاعة والموت"، ولن يستطيع الناس حتى من حضور جنازات أحبائهم خوفاً من تعرضهم للقتل في أقصى أوقات الحزن. الرؤية وردت في مقال تحليلي تعيد "اليمن اليوم" نشره: كان اليمن يعد أزمة منسية، لكن الآن يبدو وكأنه أزمة لا تنتهي الصراع في اليمن قسّم البلاد، وقسم الشرق الأوسط وقسم أيضا الرأي في مجلس العموم. هذه ليست مجرد لغة مجازية. يتم التحكم بجزء من شمال اليمن من قبل قوات التحالف بقيادة السعودية، وصنعاء ومعظم محافظات الشمال المأهولة بالسكان من قبل الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح رئيس حزب المؤتمر –أكبر الأحزاب اليمنية- وعدن من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، ومساحات شاسعة تحت سيطرت تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. يفطر قلبي أن البلد الذي أعطاني بعض من أسعد السنوات في حياتي، يتم تقسيمه الآن. باعتباري أحد ثلاثة أعضاء في البرلمان البريطاني مولودين في اليمن، فأنا والعالم شاهدنا كيف نمت هذه الأزمة من نزاع قبلي إلى كارثة إنسانية. يجب أن يكون هناك هدف واحد في صياغة السياسة الحالية في اليمن، وهو ضمان وقف إطلاق نار فوري ودائم. وهذا هو السبب في أن اليمن يحتاج إلى وسيط نزيه في المنطقة، وليس هناك مرشح غير عمان، التي زرتها الأسبوع الماضي. بينما كنت في عمان، تحدثت مع الرئيس المحاصر عبد ربه منصور هادي، للبحث عن إجابات عن كيف يمكننا إنقاذ اليمن من السقوط إلى حافة الهاوية. عندما تحدثت معه، كان أول سؤالي له: "كيف سنحصل على السلام في اليمن؟". رغم تركيز هادي على وصول المساعدات الإنسانية، والجهود اللازمة لإعادة بناء البلاد، مع 80 % من السكان في حاجة إلى مساعدات إنسانية و 3 ملايين يعانون من سوء التغذية الحاد، 370،000 منهم من الأطفال، لكني أخاف بشدة من أن الخلافات الكبيرة بين الجانبين ستجعل المفاوضات متوترة وصعبة بشكل لا يصدق، إن لم تكن مستعصية. دروس قاسية المأساة التي نشهدها اليوم هي أكثر حزنا عندما ينظر المرء إلى عام 2011، كون اليمن نجا من موجات "الربيع العربي"، دون أن تسفك دماء، وتم منعها من السقوط في حرب أهلية وأجريت انتخابات وتداول سلمي للسلطة. كما لعبت المملكة المتحدة والمجتمع الدولي دورا حاسما، في التداول السلمي للسلطة. ألا يكفينا الدروس السابقة من ليبيا وسوريا، حتى نترك اليمن يسقط في الهاوية؟. تجلى نفوذ بريطانيا في المنطقة، خصوصا عندما خاطبت تيريزا ماي مجلس تحالف الخليج في ديسمبر من عام 2016، ولكن ما يثير الدهشة والمخيب للآمال أنه بعد 7 أشهر من توليها منصبها، لم تتحدث مع الرئيس هادي. في الوقت الذي تريد فيه بريطانيا أن تلعب دورا مستقلا على الساحة العالمية، لا بد لنا من عرض قدرتنا على معالجة المشاكل العالمية، وخاصة تلك التي لدينا ارتباطات معها بشكل وثيق. سفيرنا لدى الأممالمتحدة، ماثيو رايكروفت، كان على وشك تحديد استراتيجية، لكن بريطانيا لم تستخدم نفوذها بشكل جدي. بالتأكيد الآن هو الوقت المناسب لوضع القلم على الورق وإصدار قرار جديد في مجلس الأمن يلبي مطالب الشعب اليمني كافة، من خلال تحديث واستبدال القرار 2216. خارطة الطريق والعقبات هناك الكثير الآن من اللاعبين الذين هم جزء من "لعبة العروش" المعقدة في الأزمة اليمنية، بما في ذلك حكومة هادي، الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الحوثيين، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، سلطنة عمان، إيران، المملكة المتحدة والولايات المتحدةالأمريكية، وحتى داعش والقاعدة في جزيرة العرب. ولذا، أعطت مناقشاتي بما يخص المنطقة، سبباً للأمل. يعتقد وزير خارجية سلطنة عمان، يوسف بن علوي بن عبد الله، أن خارطة الطريق الدبلوماسية التي اقترحها المبعوث الخاص للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لا تزال مطروحة بقوة على الطاولة. قيل لي أن الأطراف جادة في وقف إطلاق النار، وأن العقبة الحقيقية هو السماح لجميع الأطراف بالخروج من تلك الأزمة بشيء "يحفظ ماء الوجه". ولذا يجب أن نكون على استعداد لدفع هذه الأطراف من أجل التوصل إلى حل وسط وإزالة العقبات السياسية النهائية. وزير الخارجية، بوريس جونسون، تحدث بصراحة على خطر الحروب بالوكالة في المنطقة، ونأمل ألا يكون ذلك عاملا في إطالة معاناة اليمن. ما الذي يجب فعله فوراً يجب على البرلمانيين –البريطانيين- الدفع لنقل الحل إلى الأمام من خلال النقاط التالية: قبل كل شيء، يجب رفع الحظر الكامل المفروض على البلاد فورا، ورفع الحظر على الموانئ والمطارات اليمنية للسماح بالمساعدات والإمدادات الطبية الوصول إلى المدنيين. إشراك عمان: لعب العمانيون دورا حاسما في تعزيز الحوار بين كافة الأطراف المتحاربة. بدء خارطة الطريق السياسية فورا: على الرغم من بعض القضايا العالقة، لكن الخطوات السياسية الضرورية واضحة. وهذا يتطلب حلا وسطا. إصدار قرار جديد في مجلس الأمن يلبي مطالب كافة اليمنيين واستبدال القرار 2216. تمرير قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الجديد: الضغط على جميع الأطراف إلى الجلوس على طاولة المفاوضات. الموت والدمار الذي أصبح السمة المميزة للحرب التي دخلت عامها الثالث لن يفيد أحد. سوى أن اليمن سيواجه المهلكات الأربعة في سفر الرؤيا: القاعدة في جزيرة العرب، داعش، المجاعة والموت، حيث لن يستطيع الناس حتى حضور جنازات أحبائهم خوفا من تعرضهم للقتل في أقصى أوقات الحزن. الفشل في الضغط من أجل السلام الآن ليس خيارا. فالوقت ينفذ بالنسبة للشعب اليمني.