أكثر من نصف الشعب البريطاني يجهل الحرب الدائرة في اليمن والأسلحة البريطانية التي تشتريها السعودية، حيث يظهر استطلاع للرأي أن 49 % فقط من البريطانيين يعرفون عن الحرب التي تدخل عامها الثالث من سفك الدماء. أكثر من نصف الشعب البريطاني لا يعلم ب"الحرب المنسية" الجارية في اليمن، على الرغم من الدعم الذي تقدمه الحكومة البريطانية للتحالف العسكري المتهم بقتل الآلاف من المدنيين. وأظهر الاستطلاع الذي أعدته شركة "يوجوف" الدولية المختصة بالأبحاث ومقرها المملكة المتحدة، وأطلعت عليه حصرياً صحيفة "الإندبندنت" أن 49 في المائة من الشعب يعرفون بالحرب الجارية في اليمن، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص وشردت أكثر من ثلاثة ملايين وتركت 14 مليوناً يواجهون المجاعة. وكان الرقم أقل من ذلك بالنسبة للفئة العمرية 18- 24 عاما، حيث كان فقط 37 في المائة على علم بالحرب في اليمن التي تدخل عامها الثالث من إراقة الدماء. حيث تم إعطاء أكثر من 2100 شخص قائمة من 16 دولة وطلب منهم تحديد أي دولة تنخرط حاليا في نزاع مسلح مستمر، وحدد 84 في المائة منهم الحرب الأهلية السورية. وحذرت "هيومن ابيال"، وهي مؤسسة خيرية مقرها مانشستر والتي أذنت بالاستطلاع، من أن قلة الوعي الدولي قد فاقم الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن. وقال الرئيس التنفيذي عثمان مقبل "لقد تم نسيان الأزمة في اليمن أو تم تجاهلها تماما". وأضاف: "نعتقد أن هذا بسبب أن الحرب لم تتسبب في نزوح أعداد كبيرة من اللاجئين إلى أوروبا، وهناك سوء فهم لدى الجمهور أنها ليست سوى أزمة إقليمية". وتابع مقبل: "التعامل مع ما يحدث حاليا في اليمن، ويحدث منذ عامين، كأمر غير هام يغض الطرف عن حالة الطوارئ الإنسانية المتصاعدة". ويُقدر أن 75 شخصا على الأقل يقتلون أو يصابون كل يوم في الحرب التي دفعت بالبلد إلى حافة المجاعة حيث يفتقر 14 مليون شخص للوصول المستقر إلى الغذاء. أقل من نصف المرافق الصحية في اليمن يتم تشغيلها كوكالات إغاثة تكافح للوصول إلى المناطق التي مزقتها الحرب بالأدوية المنقذة للحياة، ويموت حوالي ألف طفل كل أسبوع من أمراض يمكن الوقاية منها مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي. وقال مكتب الأممالمتحدة لحقوق الإنسان إن الحملة الجوية التي تقودها السعودية، كانت مسؤولة عن 60 في المائة من الوفيات بين المدنيين. وقد استخدمت الأسلحة المصنعة في بريطانيا، بما فيها القنابل العنقودية، في الهجمات على الرغم من دعوات نواب لوقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية بسبب ارتكاب جرائم حرب. وقال بيتر سالزبوري، باحث كبير في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس، كانت بريطانيا الراعي الرئيس لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2216 والذي استخدمته السعودية لتبرير تدخلها. وأضاف أن المملكة المتحدة هي أيضا مورد سلاح كبير ويوفر قدرا كبيرا من الدعم اللوجستي للقوات السعودية. ولفت سالزبوري إلى أنه يمكن القول أن المملكة المتحدة قدمت أيضا تغطية سياسية للسعودية عن طريق منع حدوث مختلف القرارات والتحقيقات. وأشار إلى أنه على الرغم من معارضة محاولة الانقلاب في اليمن، كانت الحكومة البريطانية "هادئة" حيال إسقاط الجيش حكومة مصر المنتخبة عام 2013. ومع استمرار المعارك، فإن مؤسسة "هيومن ابيال" هي من بين المؤسسات الخيرية الدولية التي تحاول تقديم المساعدات إلى السكان الفقراء في اليمن، وقد وفرت الطرود الغذائية لآلاف الأسر، ومياه الشرب النقية لعدد 37.500 شخص وكذلك البطانيات والملابس والرعاية الصحية بما في ذلك دعم مستشفى الجمهوري العام. مئات اللاجئين الصوماليين الذين فروا أصلا من الحرب في بلادهم من بين المحاصرين في أعمال العنف في اليمن، مع أكثر من 40 قتلوا من قبل مروحية أثناء محاولتهم الفرار على متن قارب الخميس الماضي. في حين يتدهور الوضع الإنساني، وصل النزاع إلى حد كبير لحالة من الجمود، حيث يسيطر الحوثيون على كثير من مناطق الكثافة السكانية غرب اليمن، وتسيطر حكومة هادي في الوسط والشرق، والجنوب يسيطر عليه تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والميليشيات الإسلامية المتشددة وتنظيم داعش. وحذرت وكالة الأممالمتحدة للاجئين من الأعمال العدائية المكثفة في الأسابيع الأخيرة، مما اضطر أكثر من 62 ألف شخص للهروب من منازلهم في غرب ووسط اليمن، وينامون الآن في المباني العامة والخيام وفي الشوارع أو في المباني المدمرة. مطلِقاً على حرب اليمن "الحرب المنسية" يقول سالزبوري لا حل سلميا ولا فوزا كاسحا لأي طرف يعتبر من المرجح في المستقبل القريب. وأشار إلى أنه برئاسة ترامب يمكن أن نرى الولاياتالمتحدة تلعب دورا أكثر حسما على الرغم من أن القوات الأمريكية كانت تستهدف أساسا إرهابيي القاعدة في شبه الجزيرة العربية، بما في ذلك القيام بغارة فاشلة أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين في وقت سابق من هذا العام. ولفت إلى أن اليمن ليست جزيرة، بل متصلة ببلدان أخرى وبقية العالم، ونحن نشهد هذا النمو الهائل في العنف الطائفي. مؤكدا أن هذه الأمور لها عواقب طويلة الأجل للدول خارج اليمن.