لو تمت عملية تقييم لمعرفة أهم الدول التي قدمت أفضل ما عندها في حملة "ساعة الأرض"، لكانت اليمن بطل هذه الحملة، لأن مدنها أكثر مدن العالم ظلاما، ليس مساء السبت فحسب، بل في أماسي ونهارات الأيام كلها، ولكن المؤسف أنه لا توجد جائزة عالمية تمنح لبطل حملة"ساعة الأرض".. مساء يوم السبت أطفئت أنوار الكهرباء لمدة ساعة واحدة في نحو 5000 مدينة في 135 دولة حول العالم، وكانت الكهرباء عندنا "طافية خلقة"، ومع ذلك لم نحسب ضمن الدول التي شاركت في حملة"ساعة الأرض" ربما لأن العالم لا يرى هذه البلاد بسبب الظلام الدائم. في حملة "ساعة الأرض" بدأ الظلام أولا من سيدني الاسترالية وتلتها بقية البلدان كل حسب توقيتها الزمني.. ظلام إرادي ومقصود، وليس قهريا نتيجة خروج المحطة الغازية عن الخدمة، وعدم توافر الديزل وقطع غيار للمحطات.. ظلام بدون خبطات ولا متفجرات ولا بوازيك ولا بنادق.. في نحو 5000 مدينة أطفئت أنوار الأبراج والأسواق الكبرى، والفنادق، والقلاع والبوابات التاريخية، ومجمعات سكنية، ومؤسسات حكومية، وحتى تمثال داود لصاحبه مايكل أنجلو، وشلالات نياجرا، وكثير من قنوات التلفزيون.. فصل التيار عن الثلاجات والمكيفات وسائر الأجهزة الكهربائية مدة ساعة واحدة، وشعار القوم في هذه الساعة ليس اضرب وخذ، بل كان شعارهم "توحيد الناس لحماية كوكب الأرض".. من قوة الكهرباء وشغلها ليل نهار عندهم، قالوا نتبرع لأمنا الأرض بساعة ظلام، وساعة أجهزة بلا تيار، نرشد خلالها استهلاك الطاقة الكهربائية لحماية البيئة ومقاومة الاحتباس الحراري والتغير المناخي الذي تتسبب فيه مواد إنتاج الطاقة الكهربائية وشبكات الكهرباء والأجهزة الكهربائية. وعلى ذلك فإن اليمن هي الدولة الوحيدة التي تقدم خدمة طويلة الأجل في مجال حماية البيئة وثقب الأوزون والتغير المناخي ومكافحة الاحتباس الحراري.. لأنها بلا كهرباء.. مظلمة إلى مظلمة جزئيا معظم أوقات الليل والنهار، بسبب زخات الرصاص والخبطات وخروج المحطات عن الخدمة ودخولها مرحلة الشيخوخة أو سن اليأس. تقدم اليمن خدمة غالية للبيئة لأن المصانع تتوقف والورش تتعطل بسبب انقطاع الكهرباء فلا تنتج ملوثات غازية، وتقدم أكبر مساهمة في مجال منع توسع ثقب الأوزون والاحتباس الحراري، من خلال قانون"طفي لصي" وهو القانون الوحيد ساري المفعول في البلاد، والذي ينفذ بدون سابق إنذار مثله مثل قانون الموت، فبفضل هذا القانون تعطل في اليمن أكبر الأعداد يوميا من التلفزيونات، والثلاجات العدو الأول لثقب الأوزون.