* هذا الخبر يجعل المواطن الغيور يتفانى في حماية عينيه ممَّا يقرأه.. ويستبسل في حماية أذنيه ممَّا يسمعه. * منظَّمة الأمم المتَّحدة للتربية والثقافة والعلوم تهدِّد بإخراج اليمن من قائمة التراث الإنساني العالمي والسبب استمرار إهمال الحكومات اليمنية المتعاقبة للمدن التاريخية كما هو شأن صنعاءوزبيد وشبام ومدن أخرى كثيرة. * وكما تلاحظون فإن إهمالنا لماضينا يأتي متزامناً مع كوننا ما نزال مشدودين إلى كل ما هو ماضٍ.. ولكن في العلاَّت وليس في التجلِّيات المشرقة والمآثر المبهرة. يبدو حالنا وكأننا مصمِّمون على أن نجمع بين العيش في هامش الحاضر وفي نفس الوقت السماح لليونسكو بأن تطردنا - أيضاً - من الماضي.. والكارثة أنه لا توجُّهات حقيقية تدفعنا للعيش في المستقبل. * مدننا التاريخية تستغيث وتئنّ ونحن نتفرَّج على ما يلحق بها من صور التخريب والعبث لما كان قائماً والبناء المخالف للنمط المعماري لكل مدينة.. ودائماً فالوجاهات وكبار القوم في هذه المدن ما بين مساهم في العبث والتخريب وما بين قابل بلسان حال : هذه مدن لا نستحقّها. * وعندما يدور الحديث حول اتِّجاهنا لإهدار مهلة خامسة يعصف بكل غيور سؤال حول عدم وفاء الحكومة بالتزاماتها تجاه المحافظة على مدن تاريخية عظيمة مثل زبيد.. وكأن أقطاب اجتماع الثلاثاء في حالة خصومة مع مؤسِّس الدولة الزيادية محمَّد بن زياد أو لا يريدون تذكُّر علاقة هذه المدينة بالصحابي الجليل أبي موسى الأشعري. * ما لهؤلاء يثابرون في تحويل اليمن العظيم إلى بلد عديم الشأن حتى بالحسبة التاريخية.. وما لنا لا نتمتَّع بالأمانة على ما أعطانا اللَّه من تراث إنساني لو أنه عند أمَّة تحترم تاريخها لغسلت المدن والمآثر التاريخية بألسنتها. * عندنا حكومة وفاق وبقايا برلمان.. وعندنا هيئة عامَّة للمحافظة على المدن التاريخية.. وعندنا محافظون لكن لا الوفاق توافق عملياً على حماية التاريخ تعويضاً عن إهداره لاستحقاقات الحاضر والمستقبل.. ولا البرلمان شرَّع وراقب وحاسب.. ولا الهيئة العامَّة للمحافظة على المدن التاريخية حافظت على شيء لتأتينا صرخات الغيرة على تاريخنا من الخارج.. هل فات هؤلاء وأولئك أن للمسؤولية استحقاقات.. وأن التراث اليمني من حقوق الأجيال القادمة التي استنزفنا حصصها من الماء والبترول والغاز بمتواليات العبث والفساد؟ * لا بأس.. اختلفوا.. تحاوروا.. أطلقوا مزادات الرقص والنشيد والدموع والمواجهات.. ولكن توقَّفوا عن تحويلنا إلى بلد عديم الشأن حتى بالحسبة التاريخية الناصعة. * المدن التاريخية اليمنية هموم لا يهتمّ بها أحد كما يجب.. ومآثرنا تتعرَّض للعبث والتخريب وسط فرجة قيادات حكومية وبرلمانية وحزبية ومنظَّمات محلِّية لا يستفزّها خطر تحويل البلد إلى بقعة خاوية من قيم ومآثر كانت بها غنيَّة. إن كل وطني شريف يبكي استشراء ثقافة القات والسلاح والخلاف والهوان على الأشقَّاء والتسوُّل.. فهل تستكثرون على الشعب اليمني اعتزازه بماضيه؟ * ما أكثر الأسئلة وما أسخف الإجابات!!