مع أنني من عشاق قوس قزح ومن جيل الشاشة الملونة، والوجوه الملونة أيضاً، إلاّ أن حنيناً غريباً يجتاحني عند مشاهدتي لأي شيء أبيض وأسود. الأفلام الوثائقية القديمة.. الصور التذكارية.. أفلام شارلي شابلن.. مسرحيات يوسف وهبي، وأغاني السيدة أم كلثوم، وتلك الصور القديمة لميدان التحرير بصنعاء، ولمدينة عدن، ول"الباب الكبير" بتعز. علاقتنا بالأبيض والأسود لا تزال حية. في مراسيم الزفاف تلبس العروس فستاناًأبيض وطرحة بيضاء، والعريس يلبس بدلة سوداء وقميصاً أبيض، ويعيش الاثنان من بعد ذلك أياما سوداء ويا دار ما دخلك شر!! أمور كثيرة في حياتنا تحتاج لفلسفة الأبيض والأسود. حتى في المثل يقولون: "القرش الأبيض ينفع لليوم الأسود" لكن إذا أصبحت الأيام كلها في الغالب سوداء، فإننا بحاجة إلى أن نحول البنك المركزي بأكمله، إلى مصنع ل"الجُص" أو النورة! وكله في النهاية بياض وجه! الحمدلله أن لون الليل أسود، وإلاَّ فإن اللصوص كانوا سيحولون حياتنا إلى جحيم لا يطاق؟ والحمد لله أيضا أن النهار أبيض -من عند ربنا- وإلاًّ كُنا سنحوله إلى واحد من منجزات الثورة! لا أرى ضرورة كي أحدثكم الآن عن القلب الأبيض والقلب الأسود.. لكن في حياة الشعوب كلها، توجد صفحات بيضاء وصفحات حالكة السواد.. وصفحات لا لون لها ولا ذوق ولا رائحة، هي تلك التي في انتظار الخير من كل أولئك الجالسين في القائمة السوداء ؟! [email protected]