يطلُّ علينا يوم الثاني والعشرين من مايو، واليمن تعيش أوضاعاً لا تُحسدُ عليها.. سيكون شارع السبعين في موقف متناقض جداً.. هل سيستوعب فكرة الاحتفال بهذا العيد، أم أنه سيتحوَّل إلى ساحة عزاء حين تحضر أرواح الجنود الذين تساقطوا كما تتساقط النجوم، بفعل تفجيرٍ حقيرٍ لم يكن هدفه القتل لأجل القتل فقط، وإنما كان يريد إيصال رسالة، وإسالة المزيد من الدم الذي امتلأت به ذاكرة الإسفلت. عشرات الشهداء اهتزَّت لسقوطهم اليمن يوم الحادي والعشرين من مايو الماضي، لكن سقوطهم ذاك لم يهزّ وزارة الداخلية والجهات الأمنية ويدفعها لكشف الحقيقة وملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة.. وهذا ما طمَّع القتلة للقيام بجريمة كلية الشرطة والجرائم المتعدِّدة والمتفرِّقة التي تلتها. تحولت الفرحة بعيد الوحدة إلى غصَّة كبيرة ترافق هذا العيد، إنها غصة الشهداء الذين ما زالت أرواحهم تئن، ولن تهدأ حتى تتحقق العدالة بالقصاص من القتلة الذين اغتالوا وطناً بأكمله بتلك الجريمة. كيف سيكون شعور الجنود وهم يحتفلون في ميدان السبعين، وهم يشعرون بالعجز وتأنيب الضمير تجاه زملائهم الذين صبغوا الإسفلت بدمائهم التي لم تبرد بعد. ومن سيشعر بحرقة الأمهات في هذا اليوم، وبحرارة اليُتم لمن فقد أباه في تلك المجزرة المرعبة!! سيكون من العبث الاحتفال بعيد الوحدة ما دام القتلة طُلقاء..وستكون الدولة مُحرجةً جداً في حال قررت الاحتفال بهذا العيد وهي عاجزة عن ضبط القتلة طوال عام كامل.. هذا إن كانت ستشعر بالحرج فعلاً.. الحرج الذي يدفع الكثير إلى تقديم استقالاتهم في البلدان التي تعرف ما معنى حقوق الإنسان، وما معنى أن يكون المواطن تحت حماية الدولة التي تُحرِّك أساطيلها لأجل مواطن واحد يتعرَّض للخطر.