الصبر هو الوصفة الشعبية لإنسان فقد القدرة على فعل أي شيء . وأسوأ حكيم في العصر هو ذاك الذي تشكو إليه وأنت منهك "حالتك حالة" وتخبره أن الصبر خلاص (طَلقَّك وبالثلاث) فيرد عليك بكل برود :"ما عليش .. الصبر مفتاح الفرج؟!" لحظتها يحتاج الواحد بالتأكيد أن (يرخي) يده و(يصنج) الحكماء من هذا النوع "لكمه" تطرحه أرضاً فقط ليختبر صبره، ويرى هل سينتظر مفتاح الفرج أم طقم النجدة ؟! . ليس في هذا تحريضاً على العنف، لكن مش أي مشكلة تصل للمسئولين يردوا عليك "الدنيا تشتي صبر" فيما الحقيقة أن الدنيا تحتاج عدل، ومن العيب أن نجعل (الصبر) شماعة نعلق عليها فشلنا في إنصاف الناس. *علينا أن نتعلم كيف نتمرد على الخوف من انقطاع لقمة العيش .. لقد استطاع (غاندي) أن يحرر شعبه الهندي الفقير من الاستعمار .. دون الحاجة لراجمة الصواريخ أو النيران الكاتيوشا .. فقط علم شعبه التمرد على الإنتاج البريطاني ومقاطعة السلع القادمة من هناك حتى سقط تاج الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس مسكوراً أمام جسد غاندي النحيل. يعني الحكاية لا تحتاج ل(عفاطه) كما قد يحب البعض .. بل تحتاج لأن يعرف الناس أن لهم حقوقاً، مثلما عليهم واجبات. . الزعيم جمال عبد الناصر حينما أعلن قرار التاريخي لتأميم قناة السويس لم يأخذ بفتوى (الصبر) حتى يتم استلام القناة بلا حرب أو وجع دماغ .. بل تمرد لأنه يعرف أن في ذلك حق .. و(مش) يقولوا في المثل "من قال حقي غلب". . ربنا سبحانه وتعالى يقول "وبشر الصابرين" .. وحكوماتنا المتعاقبة تتعامل مع مواطنيها على نحو " وبنشر الصابرين " حتى غدت حياتنا كيمنيين مُبنشرة على الآخر . لا كهرباء ، لا أمن ، لا هدوء ، لأفرح ، لا أمل ، لأحب بين الناس ..وصوت الكراهية طاغ! ومع هذا تسمع من يبرر ويقولك " الصبر يا أيوب". . هناك فرقاً بين الصبر من موقع القوة والصبر من موقع ملغوم بالخوف على لقمة العيش متكئين على المثل الشعبي التافه "لو عندك للكلب حاجة، قله يا سيدي" . كما وان علينا أن نعرف - جيدا- الفرق بين الصبر والخنوع .. بين المواجهة والانسحاب .. وبين أن ترفع رأسك أو تدفنه مثل النعام. . [email protected]