تكاد تكون فكرة المخلِّص موجودة في جميع الأديان والمذاهب والثقافات.. وقد يختلف البعض على إمكانية وجود هذه الفكرة أو غيابها.. لكن الكلَّ يتفق على أنها ممكنة الحدوث، ويظل هاجس الانتظار ملازماً لدى من يقول بوجود المخلص، إن لم يكن مسكوناً به.. ونسياً منسياً لدى من يقول بإمكانية وجوده في حينه. إن هذه الشخصية قد أضافت إليها الأساطير ما يجعلها كذلك، لتجسُّدها في الأوساط المستضعفة والحالمة بغد أفضل.. وكأنه "لا بد للحياة من أسطورة تنظِّم صعوبات غير قليلة، مطلوبة وغير مطلوبة، أسطورة قد تلقى وقعاً لإشباع الرغاب الباطنة"..إذاً، فهناك تخيُّل مكنوني تجسد بين المستضعفين كلما احتاجوا إلى إنقاذ.. و"هذا التخيل لا يعني إذكاء جانب فوق العقل أو محاولة خلق أسطورة في جو صعب لا يسلس ولا يلين". بالتأكيد أن "بعض الظواهر لا سبيل إلى تفسيرها على الإطلاق، فإذا كان وجودها لا يحتمل أيَّ شك فالغموض التام يحيط بها من كلِّ جانب، وظهورها بالذات يتحدَّى المنطق ويفوق مستوى معرفتنا بالعالم الذي نعيش فيه.. ولا يُنكر أن معظم الغوامض لابد لها- في يومٍ من الأيام- أن تنجلي، وبعضها قد يبقى مغلقاً.. فالكون غريب عجيب، إلى حدِّ أن المجهول وما لا يمكن معرفته سيظلاَّن سائدَيْن إلى ما شاء الله". أو كما يقول آينشتاين: أروع عاطفة يتسنى للإنسان أن يشعر بها هي الإحساس بالغموض، لأنه ينبوع كلِّ فن أصيل وكلِّ علم حقيقي.. فمن لم تهزه هذه المشاعر، ولم يعرف وهج الإعجاب والسِّحر أحرى به أن يكون ميتاً.