منذ قرابة ثلاثة أعوام لم يعلُ شيء على صوت الربيع العربي الصاخب بالمواجهات.. غير أن ما يؤسف له عدم استفادة بلدان الربيع من الأخطاء في عملية سباق على من يكون أكثر تقليداً للثور الإسباني ونزالات الماتادور.. * عرفت الشعوب طريقها إلى الشارع بقوة دفع العديد من المعطيات: تغوّل الفساد وزواج السلطة من المال واقتناص المعارضة لفرصة قيام الإعلام الالكتروني الجديد بتوحيد اللحظة الزمانية والمكانية للمتظاهرين والدعم الخارجي الذي وجه لكمة مزدوجة أطاحت بالقديم وكشفت سوأة الجديد.. وكان لسان حال الواقع هنا وهناك ما يردده الداعية المصري الدكتور مبروك: "عك يعك عكاً".. وتأملوا في كل ما يحدث من شرق الربيع إلى غربه.. * وكما كانت الشرارة من بوعزيزي تونس كانت تونس أيضاً أكثر حكمة عندما استفاد راشد الغنوشي من حياته في أوروبا فلم يتقوقع ولم يحبس نفسه مع شركاء الإيديولوجيا فقط وإنما تحالف مع التيارات المدنية ولم يُقصِ الآخرين لتبدوا فرص النجاح هناك أكثر.. * في مصر انفرد الإخوان بتشكيل كل شيء بأنفسهم ولأنفسهم مغيبين الوجه المدني للثورة.. فإذا وراء الثورة موجة ثورية أكبر هدمت الجدار العازل بين مرسي ومبارك ولم تمنع موجة مضادة ليضع العقلاء أيديهم على قلوبهم * أما في سوريا وبعدها ليبيا فيصح القول بأن الجنون يستصرخ العقل، حيث التدمير في سوريا يطال كل شيء، فيما ترفع ليبيا بيارق اجتثاث كل ماله علاقة بالقذافي بما في ذلك مسئولون حسبوا أنفسهم ثواراً ولكن بدون تبرئة ساحتهم من (جريمة) أنهم قالوا للقذافي ذات يوم "السلام عليكم". * ونبدو في اليمن أكثر حظاً وحكمة بنقل السلطة بصورة سلمية ابتعدت كثيراً عن استدعاء النموذج السوري.. لكن المشكلة تبقى أننا نتفانى في إعادة إنتاج كل ما هو بائس مع ميل واضح للتفريط بالوحدة.. فضلاً عن كون الفساد الحكومي والفرجة عليه يتم بالتوازي مع مؤتمر الحوار. * وأسوأ ما شهده الربيع العربي الطافح بالمواجهات المسنودة برعاية أمريكية كاملة لعبة الإقصاء تحت مسميات دفعت أحد شباب الثورة المصرية لتأليف كتاب عن الفلول قال فيه: الفل صديقي وصديقك والأسوأ من أي نجم آفل هم الفلول الجدد الذين يتهافتون على المناصب بصورة انتهازية تحتاج إلى طبيب نفسي يكشف عن القوى العقلية، أو كما قال الدكتور أحمد عكاشة العالم النفسي الشهير..!