تفاسدت حكومة الوفاق، لدرجة أنها توافقت على الفساد المالي والإداري وفاقا وطنيا، وصارت هذه الحكومة مفسدة حتى للوزراء غير الفاسدين، أو الذين كانوا معروفين بنظافة اليد. لقد كانت أحزاب اللقاء المشترك وشركاؤها قبل الوفاق تتعبد بالكلام عن الفساد، وكان إعلامها يزيف التقارير تزييفا، ويجهد نفسه في إقناع المواطنين باستشراء الفساد إلى درجة مبالغ فيها. أما اليوم - وقد تبين لهم أن الفساد في حكومة "التبيع اليمني" التي يشاركون فيها يزدهر بمختلف أشكاله وأنواعه في كل البيئات الحكومية المدنية وغير المدنية، وحتى في المنظمات غير الحكومية، أكثر من أي وقت مضى، فقد أصيبوا بالعجمة، إدراكا منهم الكلام عن الفساد سوف يؤدي إلى حقيقة واحدة هي أن الفساد في الماضي كان أقل مما هو عليه اليوم.. وموقفهم هذا يشبه موقف الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، فقد أطلع هذا على أصحابه ذات يوم وهم يذكرون مناقب الخليفة عمر، فأظهر لهم غيظه، وقال لهم: كفوا عن ذكر عمر فإنه إزراء علينا وعلى ولاتنا، ومفسدة للرعية! لندع الوثائق والتقارير التي تنشرها الصحافة اليمنية غير الموالية للحكومة، وهي وثائق وتقارير مسربة من جوف حكومة الوفاق الوطني، والتي ترينا أن السلطة تستغل لتحقيق مكاسب شخصية وأسرية وحزبية غير مشروعة، سواء في مجال التعيينات أو نهب المال العام، أو المقاولات و عقود شراء الطاقة، وغيرها من أشكال الفساد.. لندع ذلك، ولنستمع لمنظمة دولية مقرها برلين، وهي متخصصة في مجال مراقبة الفساد في أنحاء العالم، هذه المنظمة هي منظمة الشفافية الدولية.. فقد أجرت استطلاعا حول انتشار الفساد في العالم ومستوى تراجعه أو صعوده، ونشرت هذا الاستطلاع قبل يومين، وقالت إن الجمهورية اليمنية ظلت خلال الأشهر الإثني عشر الماضية تحتل المرتبة الثالثة من بين جميع الدول من حيث انتشار الرشوة، خاصة في الشرطة والقضاء، يعني بعدنا دولتين فقط.. وبينت أن الفساد في الجيش أرتفع إلى 74 في المئة، وفي أجهزة الأمن 67 في المئة، والصحة 66، والقضاء 62، والتعليم 62، والإعلام 48 ، والعجيب أيضا أن الفساد استشرى في منظمات المجتمع المدني، إذ بلغت 53 في المئة.. وأكدت المنظمة أن التقرير أظهر أن 56 في المئة من المبحوثين بينوا أن الفساد الحكومي أزداد انتشارا في العام الماضي، وقال 45 % من المبحوثين أن حكومة الوفاق غير جادة في محاربة الفساد.