بعد أقل من عامين ونصف العام على الإفراج عنهم من المعتقلات، بعد اندلاع ثورة 25 يناير، عادت مجموعة من قيادات جماعة الإخوان المسلمين إلى السجون مرة أخرى، ولكن ليسوا كمعتقلين سياسيين، ولكن كمتهمين بارتكاب جرائم التحريض على قتل المتظاهرين، ومن عجائب القدر أن سجن طرة قد جمع الأعداء اللدودين معاً، وهم الرئيس الأسبق حسني مبارك ونجلاه علاء وجمال، ورموز نظام حكمه، مع قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وصاروا جميعاً "في الهوا سوا"، كما يقول المثل الشعبي المصري. وكشف مصدر مطلع بسجن طرة، الذي يجمع الأعداء السياسيين، ل"إيلاف"، بعضاً من الحياة اليومية للفريقين بالسجن، وقال إن كليهما يتجنب ملاقاة الآخر أثناء الصلاة في مسجد السجن، وكلا الفريقين يصطف إلى جوار بعضهم بعيداً عن الآخر، ويفصل بينهم سجناء آخرون لا علاقة لهم بأعضاء الفريقين.
قيادات الإخوان ومبارك ونظامه جمع سجن طرة للمرة الأولى منذ إنشائه في 1928، الفرقاء السياسيين من نظامي حكم مبارك والإخوان، وتجاور الرئيس حسني مبارك، ونجلاه ورموز نظام حكمه، مع قيادات جماعة الإخوان، ويضم السجن من قيادات الإخوان، كلاً من: خيرت الشاطر، النائب الأول لمرشد الجماعة والرجل القوي، والذي كان يتهم بأنه يدير رئاسة الجمهورية من وراء الستار. ورشاد البيومي، نائب المرشد، والذي كان يوصف بالرجل الغامض. والدكتور سعد الكتاتني، رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة. وحلمي الجزار، الأمين العام للحزب في محافظة الجيزة. وعبد المنعم عبد المقصود، محامي جماعة الإخوان، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إضافة إلى الشيخ حازم أبو إسماعيل، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، وصاحب الشعبية الطاغية في أوساط الإسلاميين. ويضم السجن من النظام السابق حسني مبارك، ونجليه علاء وجمال، إضافة إلى أحمد نظيف، رئيس الوزراء، وحبيب العادلي وزير داخليته، وأحمد عز، القيادي في الحزب الوطني المنحل، والذي كان يوصف بالرجل القوي، والصديق المقرب من جمال مبارك، رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، المُدان في جريمة قتل المغنية اللبنانية سوزان تميم.
تناقض الحياة والحالة المزاجية وكما كان رموز النظامين متناقضين سياسياً، فهم متناقضون في طريقة الحياة خلف أسوار السجن العتيق، وحتى في الحالة المزاجية، فبينما يعيش مبارك وأنصاره حالة من الحيوية والانتعاش، يعاني قيادات الإخوان من الاكتئاب والحزن، ويعانون من مشاعر مرحلة ما بعد الصدمة، حسب ما قال مصدر مطلع ل"إيلاف". وأوضح المصدر ذاته، أن الرئيس السابق حسني مبارك، يعيش في حالة من الانتعاش، بسبب نجاح ثورة 30 يونيو، في الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، والإخوان، مشيراً إلى أن مبارك تابع الأحداث عبر التلفزيون والصحف، بشكل لحظي. ولفت إلى أن مبارك قال إن الشعب المصري خيّب ظنه فيه، عندما أختار الإخوان لحكم مصر، لكنه سرعان ما أفاق، وقام بثورة ضدهم بعد عام واحد من الحكم. وكشف المصدر، أن مبارك ورموز نظام حكمه نزلاء سجن طرة، يأتيهم الطعام من الخارج بالطائرات، ولاسيما من العاصمة الفرنسية باريس. وأضاف أن السيارات المجهزة لنقل الطعام طازجاً، كثيراً ما تقف أمام بوابة السجن، ويكون بانتظارها أفراد من أسر كبار السجناء، ويتسلمون الطعام، ويدخلون به إليهم. ولفت إلى أن هذا الأمر ليس جديداً، بل كان هناك سجناء أقل منهم شأناً في عهد مبارك نفسه، وكان الطعام يصلهم بالطائرات من الخارج. ونبّه إلى أن قيادات الإخوان ورموز نظام مبارك، يتحاشون النظر إلى بعضهم البعض أثناء الصلاة، وقال إن إدارة السجن فصلت بينهم مؤخراً، وخصصت أماكن لقيادات الإخوان للصلاة فيها بعيداً عن رموز نظام مبارك، بخلاف صلاة الجمعة. وحُددت أوقات مختلفة لكل فريق لممارسة الرياضة لمدة ساعة يومياً، حتى لا يتلاقى الفريقان، وخشية وقوع مشادات بينهما.
الإخوان بسطاء وفي ما يخص رموز الإخوان، قال المصدر إنهم مازالوا على حالهم، ولم يتغيّروا عمّا كانوا عليه في السجن نفسه قبل ثورة 25 يناير، منوهاً بأنهم بسطاء في تعاملهم وفي طعامهم، وأشار إلى أن قيادات الإخوان، ولاسيما خيرت الشاطر، وحازم أبو إسماعيل، يفضلون "الأكل البيتي"، وخاصة اللحوم والفتة بالصلصة، التي تحضرها زوجاتهم وأبناؤهم إليهم في السجن. وأضاف أن قيادات الإخوان يفضلون اللحم الضاني المشوي، والمحشيات والفتة، وأوضح أن قيادات الإخوان وأبو إسماعيل، يبدأون يومهم مع السحور، ثم يصلون الفجر في المسجد، ويعودون إلى الزنازين، ويجلسون لقراءة القرآن، حتى صلاة الضحى، وبعد أدائها، ينامون حتى صلاة الظهر، وينتهزون الفترة ما بين الظهر والعصر في تلاوة القرآن مرة أخرى. ولفت إلى أن قيادات الإخوان قليلو الكلام، ويعانون من حالة اكتئاب حاد، وشرود دائم، مشيراً إلى أن تلك الحالة تعرف ب"مرحلة ما بعد الصدمة".