ما الذي يمنع وزيري العدل والداخلية في زمن الثورة "الافتراضية" من إطلاق سراح الزميل الصحفي عبدالإله حيدر؟ * أصدر الرئيس السابق علي عبدالله صالح عفواً عنه، ووعد الرئيس عبدربه منصور هادي بإطلاقه إن توفرت ضمانة تجارية، وفقاً لتصريحات الزميل أمين عام نقابة الصحفيين. * مجمل المشاهد التي تحيط بقضية عبدالإله حيدر تثير الحيرة من مواقف أطراف شديدة التكاذب ولا استثناء حتى لنقابة نشطت حقوقياً في زمن كانت ترى نفسها في موقع المعارض للنظام السابق ثم اكتشف مختطفو القرار فيها أنهم صاروا النظام اللاحق، لتصاب النقابة بالخرس الزوجي تجاه أمور مهنية كثيرة. * ذات يوم تمكَّنتُ من زيارة عبدالإله حيدر في محبسه بالأمن السياسي صحبة المسئول في الاتحاد الدولي للصحفيين منير الزعرور.. وفي الزيارة نفى حيدر أية علاقة له بالقاعدة إلا في حدود أنه صحفي كان يجد ضالته ويحصل على معلومات عن القاعدة لو توفرت لصحفي غربي لما تردد في نشرها ولأصبح بطلاً في الأعراف المهنية وحتى السياسية.. لكن الأمريكيين استكثروا على صحفي يمني الحصول على المعلومات وقيامه بنشرها.. * مما قاله السجين الصحفي عبدالإله حيدر وهو يفسر وضعه: يبدو أنني قمت بضخ معلومات أكثر مما يجب، بينما لا يريد الأمريكيون سوى نشر ما تيسر وفقاً لرغبتهم وما يخدم أجندتهم وهو ما يخالف ثقافتي المهنية، حيث أرى أن جريمة الصحفي ليس في نشر المعلومة التي تصله بل الجريمة هي في إخفائها عن الرأي العام. *ذات صباح تحمَّست زميلتنا الشجاعة سامية الأغبري في الدعوة لوقفة احتجاجية عند بوابة السفارة الأمريكية.. وفجأة أطلَّ علينا في النقابة مسئول من السفارة لنخوض معه فاصلاً طويلاً من النقاش. * قلنا له: الصحفيون اليمنيون يريدون تسجيل وقفة تضامنية سلمية مع زميل مسجون في قضية رأي فقال: لن تخدموه بهذه الوقفة.. قلنا له وقفة التضامن حق ديمقراطي لا يثير أي حساسية عند تمثال الحرية نفسه، ثم إننا نهدف من الوقفة استدعاء الأضواء حول مظلومية زميل لنا، فقال بصرامة "لا". * قلت له: إن زملاء لنا من اليمنيين والعرب الإعلاميين المتواجدين في بلادك يستطيعون أن يقوموا بوقفة احتجاجية أمام البيت الأبيض فكيف نمنع من التوقف أمام سفارة الولاياتالمتحدة بصنعاء.. كما أن وقفات الاحتجاج أمام منزل رئيس الجمهورية عندنا لا تمنع.. وكان أن استدعى ممثل السفارة غطرسة دولته وهيبة سفارته قائلاً بحسم: "لا". * وبالمحصلة النهائية للقاء كان لافتاً أننا في النقابة قد ارتدينا "الكوفية" وظهرنا مؤدبين ونسمع الكلام وكأننا تلاميذ صغار لم يحلوا الواجب ولا الامتحان، ويخافون من ردود أفعال معلم لا يرحم.. * غادر ممثل السفارة واثق الخطوة.. حاسم القرار.. فيما تراجعنا عن الرغبة في تنظيم وقفة للصحفيين تضامناً مع زميل ما يزال مسجوناً رغم العفو ورغم ثورية الحكومة الحالية ورغم المعاني السلبية لمطلب الضمانة التجارية.. * زميلنا عبدالإله حيدر.. لك رب اسمه الكريم.. والله المستعان.