انشغل الناس بمرسي والسيسي ونسوا مصر.. رفعوا علم القاعدة في رابعة العدوية وفي ميدان النهضة وتركوا علم مصر.. رفعوا شعارات لم يألفها الشعب المصري الذي لا يعرف غير شعار مصر أم الدنيا!! ما يحدث في مصر لم يعد نابعاً من حسٍّ ثوري ولا يعبر عن ثورة.. لأن هدم الكنائس وتدمير المساجد هو نتاج طائفية مقيتة كانت تختبئ حتى تجد فرصتها السانحة، لتُخرجَ كلَّ قبحها وتدمِّر المساجد والكنائس التي يُذكر فيها اسم الله على حدٍّ سواء. في ثورة 25 يناير خرج المصريون لإسقاط نظام مبارك، وكان الإخوان معتصمين مع بقية شرائح الشعب في ميدان واحد هو ميدان التحرير.. كان المسلم يرفع المصحف وإلى جانبه المسيحي يرفع الإنجيل في مشهد يجسِّد سموَّ الانتماء الوطني، وكان الجميع -بكلِّ طوائفهم وانتماءاتهم- يهتفون بشعار واحد هو "مصر".. مصر فقط. وأثناء الثورة لم يكن الإخوان منقسمين في ميدان التحرير، ولم يكن معهم منصَّة يهتفون عليها -كما فعلنا نحن في ساحة الجامعة حين انقسمنا إلى منصَّات عديدة- ولم يكن لهم أية مطالب سوى أن تنتصر مصر، وهو المطلب الوحيد الذي احتشد لأجله كلُّ المصريين في ميدان التحرير. حينها كان حديث الإخوان ناعماً، ولم يلبث أن توحَّش بعد صعود مرسي إلى كرسي الرئاسة، الكرسي الذي يفقد المرء صوابه، فكيف حين يكون دون صواب أصلاً!! لم يعد العلم المصري يجمع المصريين بعد أن اختار الإخوان علَم القاعدة الأسود، ولم تعد مصر تهمُّ الإخوان بقدر ما يهمهم رجوع مرسي إلى الرئاسة، مالم فإنهم قد هدَّدوا بأنهم سيدمِّرون مصر وسيملأونها بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة!! نسوا مصر، أم الدنيا، واستبدلوا حب الوطن بحبِّ شخص لا يصلح لإدارة مدرسة صغيرة، وأصبح ولاؤهم للتنظيم وللمرشد أكثر من ولائهم لهذا البلد العظيم.. وبهذا ستتحوَّل مقولة "عمار يا مصر" إلى "دمار يا مصر".