أظهرت الأحداث الأخيرة التي شهدتها مديرية نهم وأطراف محافظة الجوف اعتماد مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة المدعومة من إيران على الإشاعات والأخبار المفبركة في صناعة الانتصارات الوهمية كسلاح نجحت من خلاله وقتياً في إثارة قلق محلي وخارجي على الأوضاع في محافظتي مأربوالجوف. ففي أواخر يناير 2020، تلقى العديد من سكان محافظتي الجوفومأرب اتصالات قلقة من ذويهم في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي الانقلابية تتأكد من حقيقة مزاعم الأخيرة بسيطرتها على المحافظتين في هجوم أطلقت عليه "عملية البنيان المرصوص"، بعد ضخها كماً هائلا من الشائعات والأخبار المفبركة التي اتضح كذبها. وفي حين نشر موقع "الثورة نت" يوم أمس رصداً لأبرز عشرة أخبار كاذبة بثتها مطابخ الحوثيين عن الانتصارات الوهمية في مأربوالجوف، يحاول موقع الثورة نت الإجابة على تساؤل مهم حول الأسباب التي دفعت مليشيا الحوثي الانقلابية لبث كل هذا الكم الهائل من الشائعات خصوصا في مناطق سيطرتها؟. حكايات الرسي يؤكد الدكتور محمد جميح - الكاتب والصحفي - أن الترويج لأكاذيب الانتصارات صفة متوارثة أرساها إمامهم الهادي الرسي في القرن الثالث الهجري، مضيفاً: "إن أهم ما في "غزوة نهم" أن الكهنة أظهروا كمية كبيرة من الكذب والتضليل الإعلامي، الذي أعاد إلى الذاكرة حكايات الهادي الرسي " الذي كان يقتل ألفاً من الفرسان بضربة سيف واحدة." وقال: "قتل الحوثيون أمين العكيمي في وسائل إعلامهم يوم السبت، ويوم الثلاثاء أعادوه حياً في الأخبار الصادرة من المطبخ ذاته، ليقولوا إنه يفاوضهم على تسليمهم الجوف، وهاهو العكيمي ينفض غبار قبره ليقول إنه يفاوضهم-فعلاً-ولكن على عودتهم لديارهم، تحت حماية الجيش الوطني". وتساءل: كم مرة تحدث الكهنة عن سيطرتهم على نجران، وكم مرة قالوا إنهم تصوروا في قصر الإمارة في عسير، ليتضح فيما بعد أن الصور كانت في السفارة السعودية في صنعاء! أين هم اليوم من عسير ونجران التي احتلوها؟! وتابع: "خذوها واضحة ..كلما في الأمر أنهم تقدموا في بعض المواقع في نهم، ثم سقط المئات من أبنائكم للأسف، قبل أن يدحروا عن بعض المواقع التي دخلوها، وكما كذبوا عندما أوهموكم أنهم تصوروا في قصر الإمارة في عسير، فقد كذبوا في تصوير سير المعارك اليوم". من جانبه قال مراسل قناة اليمن الفضائية في محافظة مارب، عبدالله ابو سعد، إن الشائعات الكثير التي شنتها مليشيا الحوثي الإنقلابية عبر وسائل التواصل الإجتماعي استهداف "العامّة في مناطق نفوذه كتسويق انتصارات وسيطرة واستيلاء على مناطق ومدن جديدة ليطالب أبناءهم للذهاب مع مشرفيه لتأمين المناطق التي يقول أنه دخلها وسيطر عليها". مضيفا: لكن الحقيقة، هو "يأخذهم لتعزيز جبهاته للقتال معه لكنهم يجدوا حتفهم فيعودون في توابيت خشبية في حالة أخذوهم حيث لقوا مصرعهم لكن في الغالب تأكلهم الكلاب والضباع". أما الهدف الثاني وفق أبو سعد فيتمثل ف "النيل من عزائم ومعنويات أنصار وأتباع الشرعية فيستلمهم بتلك الشائعات والأخبار الكاذبة عبر ناشطين وإعلاميين ومتابعين عرطات كأخذه منطقة كذا ومجيئه من منطقة كذا ودخوله مع جو كذا". وأضاف بأن هؤلاء الناشطين والاعلاميين الذين وصفهم ب"العرطات" يقومون بخدمة الحوثيين من خلال إعادة تدوير أخباره الكاذبة وفبركاته حول سير المعارك، واصفاً طريقة تعامل هؤلاء النشطاء بأنها "غباء وسذاجة وبلاهه". تغييب الحقيقة وأرجع الكاتب الصحفي حسين الصوفي سبب لجوء الحوثيين لبث أكاذيب الانتصارات هدفه ممارسة التضليل الدعائي الكاذب من أجل التغطية على أهالي الضحايا بالكذب عليهم وإخبارهم كذباَ أن أبناءهم قتلوا بعد أن سيطروا على مأرب وقتلوا محافظ الجوف الشيخ العكيمي. وأكد أن الغرض هو "التغطية عن الحقيقة البشعة وراء ذبح أبنائهم، في حين أن مأرب وأهلها في أمن وسلام ومحافظ الجوف يلاحق مليشيا الحوثي في أطراف الصحراء البعيدة، لكن النفوس الإجرامية تسترخص دماء أبناء القبائل ولا تلقي بالا لعدد وحجم الضحايا من عناصرها ولو بلغت اكوام الجثث عنان السماء". من جانبه، الناشط عبدالعزيز الخيل، قال في تغريدة بصفحته على تويتر، إن "الحوثي لا يحارب حروب رجال مع اليمنيين، بل يلجأ لنشر الشائعات وشراء الذمم ونقض المعاهدات وقصف المدن". والسبب وراء ذلك وفقاً ل"الخيل" هو محاولة تفكيك صفوف الخصوم وضربهم لأن الحوثي "يعلم أن من يكسر قوته هم اليمنيين". اعترافات هامة وسبق لوزير الإعلام المنشق عن مليشيا الحوثي عبدالسلام جابر في نوفمبر 2018 أن كشف جانباً من أساليب المليشيات الحوثية لتضليل اليمنيين وحجم الآلة الإعلامية التي تمتلكها ودور إيران وخبراء حزب الله في تقوية إعلام المليشيات. وكشف أنه إبان عمله مع الحوثيين كان أحد راسمي سياسة التضليل في الإعلام الحوثي، وقال "مارسنا تضليل إعلامي واسع على المجتمع" من خلال تغيير الحقائق وإيهام المجتمع بقضايا كاذبة لا تمت للواقع بصلة، سواء حول قضايا الوطن أو الدين أو غيرها، ومن ضمن الحملات التي تم تنفيذها خلال قيادته لوزارة الإعلام هو إقناع المجتمع بأفكار من ضمنها أن السلام هو الخطر الحقيقي وأن الحرب هي المنقذ للشعب. وأضاف: "الإعلام الذي رسمناه يبدأ من الشاشة وينتهي في مجلس القات "التخزينة"، ويشتغل على مدار 24 ساعة ويرتبط بالسياسي والامني والعسكري والمدني"، وكل منهم يمارس دوره في توقيت واحد.