باهتمام بالغ، يتابع المنتدى الأكاديمي الوطني بكل أعضائه من الأكاديميين والباحثين اليمنيين في الجامعات والمؤسسات ومراكز الابحاث داخل اليمن وخارجها، ما يمرّ به الوطن من أحداث مؤسفة في كافة المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية والصحية والتعليمية، والتي أصبحت تحاصر المواطن اليمني في حريته وكرامته وأمنه ولقمة عيشه وصحته، وكذا التدهور الكبير في العملية التعليمية بكافة مستوياتها. إن جُلّ هذه العوامل أثرت – بعمق - في قدرة شعبنا على الاستمرار في الحياة التي تفاقمت بشكل متسارع منذ انقلاب السلاليين الإماميين الجدد في 21 سبتمبر 2014 م على الدولة اليمنية والشرعية، وعلى خيارات الشعب اليمني المتمثلة في إقامة دولته المدنية الاتحادية الديمقراطية العادلة، المبنية على مداميك وثيقة مخرجات الحوار الوطني ومواد الدستور المتوافق عليه والمُنتظر الاستفتاء عليه. يا أبناء شعبنا اليمني في الداخل والخارج: إننا في المنتدى الأكاديمي الوطني نعيش معكم ونستشعر آلامكم وندرك مقدار خيبة الأمل التي أصابت الجميع جرّاء سوء أداء إدارة الشرعية، وعجزها عن تحقيق الحدّ الأدنى من مطالبكم المتمثلة في إعادة بناء جيش وطني حقيقي، دون هيمنة حزبية، أو مناطقية، أو قبلية، يكون قادراً على خوض معركة استعادة الدولة ومؤسساتها من يد الإنقلابيين في ربوع اليمن، وكذا الفشل في توفير الحدّ الأدنى من متطلبات واحتياجات الشعب الضرورية، وعدم اهتمامها بتوفير مرتبات موظفي الدولة، لاسيما موظفي الجهاز الحكومي ومن ضمنهم الاكاديميين والباحثين اليمنيين في المحافظات الخاضعة لهيمنة الإماميون الجدد، رغم علمها بتدهور قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية بنحو 170%، وما أدى إليه ذلك من تزايد مخيف في أسعار السلع ورسوم الخدمات والأجور وانتشار الأمراض والأوبئة. وتابع البيان الذي حصل يمن فويس على نسخة منه إن فساد أطراف نافذة في الشرعية، وصل إلى الاتجار بثروات الشعب اليمني ومقدراته الراهنة والمستقبلية، ومع الأسف فإن الأحزاب السياسية اليمنية التي كنا نعول عليها كثيرًا في تصحيح المسار، أصبحت اليوم؛ إما شريكة في الفساد والعبث، وإما عاجزة عن القيام بدور ينهي هذا التدهور الخطير، الذي وصل إلى حدّ تعدد مصادر صنع واتخاذ القرار. والأخطر من ذلك أن هذا الوضع المزري سمح لأطراف أخرى باللعب لتغيير مسار المعركة الحقيقية، واختلاق معارك جانبية لخدمة أجندات خارجية، ناهيك عن توظيف حاجة الناس، التي تولدت عن انقطاع الرواتب واستغلالهم في استقطاب الشباب لتكوين مليشيات لذات الأغراض الدنيئة. لقد مرّت ستّ سنوات منذ الانقلاب السلالي المشؤوم على خيار الشعب اليمني في إقامة دولته المدنية الاتحادية الديمقراطية، ولم تظهر أية بوادر تبعث الأمل في قدرة قيادة الشرعية على الخروج من عجزها لتحقيق الهدف الذي تحملت مسؤوليته، وإنما كانت مصدر خذلان للشعب اليمني الذي وقف معها مقدِمًا كافة التضحيات المطلوبة منه في حينه. لقد استمرأت أطراف نافذة في الشرعية عجزها، بل واتخذته أسلوب حياة، واعتبرته مصدراً للإثراء الشخصي والحزبي، من خلال تحويل الدعم المقدم من دول التحالف إلى مكاسب شخصية، رافضة دعوة بعض القوى السياسية إلى تصحيح مسار علاقتها مع دول التحالف، الذي افتقد كليا للندية، بل وأصبحت العلاقة اليوم عنوانها التبعية وتناسق المصالح الشخصية الضيقة، حتى وصل الحال إلى اصطفافات خطيرة أدت إلى تمزيق الصف الوطني وتشتيت قواه، وتهديد وحدة التراب والسيادة اليمنية عليه، مما أدى إلى تأخير التحرير، وتثبيط الهمم الوطنية وتضاؤل الأمل في استعادة الدولة المختطفة. وانطلاقا من كل ذلك فإن المنتدى الاكاديمي الوطني، يؤكد على الآتي: أولاً: حق الشعب اليمني في أن يوحد صفوفه في إطار وطني جامع للضغط على قيادة الشرعية لتحقيق مطالبه، وعدم الانجرار وراء الدعوات المشبوهة، لفتح الارض اليمنية كساحة للصراعات الاقليمية واستقدام جماعات ارهابية ومرتزقة تنفيذا لأغراض حزبية متطرفة تخدم أجندات خارجية. ثانياً: عودة كافة مؤسسات الشرعية بكل سلطاتها التنفيذية والتشريعية، للعمل من إحدى المحافظات المحررة، والعمل على تفعيل مؤسسات الجهاز الإداري للدولة، وصرف مرتبات موظفي الدولة بشكل مستمر، وإيصال مستحقات زملائنا وابنائنا المبتعثين في الخارج الذين يعانون الأمرّين بسبب الاهمال وعدم الانتظام في صرف مستحقاتهم المالية وتوفير الخدمات الأساسية للمحافظات المحررة وتحسين أوضاعها، وتطبيع الحياة فيها. ثالثاً: تصحيح مسار العلاقات مع دول التحالف العربي والغرض الذي من أجله تم دعوتها إليه والمتمثل باستعادة الدولة اليمنية وليس تمزيقها على قاعدة وحدة الهدف والمصير المشترك في إنهاء الانقلاب على الدولة اليمنية ، وإزالة آثاره، ووضع حدّ للمدّ الإيراني الفارسي في جنوب الجزيرة العربية، الذي يشكل تهديداً لكافة دول الجزيرة والخليج العربي. رابعاً: إعادة بناء الجيش الوطني على أسس وطنية، ووضع حدّ للعسكرة القائمة على أسس جهوية، أو حزبية، أو مذهبية، أو سلالية، وتوحيد كافة الجهود لخوض معركة التحرير الأساسية لتحرير صنعاء واستعادة الدولة من يد المليشيات الهاشمية السلالية العنصرية واتباعهم، وإنهاء كل بؤر الصراعات التي تمزق النسيج الاجتماعي الوطني. خامساً: تصحيح الاختلالات التي استحدثها الإنقلابيون السلاليون في الجهاز الإداري للدولة، وما تعرض له من تجريف على مستوى التوظيف غير القانوني، سواء من قبل أطراف في الشرعية، أم من قبل مليشيات الولي الفقيه العنصرية، وتفعيل دور القضاء الإداري لمحاربة الفساد، ومحاكمة الفاسدين، واسترجاع الأموال المنهوبة. سادساً: إصدار التشريعات القانونية التي تجرِّم كل أشكال التمييز وفي مقدمتها العنصرية الهاشمية حيث وصل الفجور بالإمامين الجدد إلى إصدار ما يسمى ب (قانون الخمس) لسرقة 20% من ممتلكات الشعب اليمني لصالح الأُسر التي تدّعي الحقّ الالهي بالانتماء إلى السلالة الهاشمية التي غزت اليمن ونهبت ثرواته ودمّرت تاريخه وتراثه منذ قدوم الهادي يحيى بن حسين الرسي (لا رحمه الله) إلى صعدة عام 284ه، وتصحيح المنظومة القانونية كاملة على قاعدة المواطنة المتساوية ومعايير الكفاءة والجدارة. سابعاً: تنشيط المشاريع الاقتصادية والاستثمارية والاستكشافات والاستفادة من مقدرات اليمن من الموانئ والبحار وثروة النفط والمعادن، وتصحيح الاختلالات في البنك المركزي، ليتمكن من صناعة وتنفيذ سياسة نقدية، قادرة على معالجة الاختلالات الاقتصادية باستقلالية تامة، وحماية البنك اليمني من عمليات السطو المتكررة على العملة المطبوعة. ثامنا: على الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية والمؤسسات الصحية الاغاثية الدولية ان تتحمل مسؤليتها الكاملة في المعركة ضد جائحة كورونا التي إجتاحت وطننا وهو في أضعف حالاته حيث الوضع الصحي المتردي وانتشار الأوبئة والحُمِّيات وغياب الامكانات اللازمة للوقاية والتشخيص والعلاج ممّا جعل اليمن يدفع أثماناً قاسية بفقدان العشرات من الاكاديميين ومن الكوادر الطبية والحقوقية، زادت عن 300 شخص خلال شهر واحد فقط، وفقدان المئات من المواطنين الأبرياء، وما خفي سيكون أعظم في ظل جائحة كورونا وجائحة الإنقلابيون في اليمن. بالمثل، فإننا نطالب الجهات الوطنية والدولية أن تعمل على إيصال المساعدات الغذائية والإنسانية إلى كل مستحقيها في كافة أنحاء اليمن، حيث تشير المعلومات إلى أنها لا تصل في الوقت الراهن لأكثر من 30% منهم في أحسن الأحوال، وذلك أمر مخيب للآمال رغم ضخامة ما يتم جمعه باسم اليمن واليمنيين من أموال ومساعدات من المانحين والتي بلغت بحسب التقديرات نحو 17 مليار دولار على مدى السنوات الماضية، وكانت في تقديرنا كافية لحل معظم مشكلات اليمن الذي لم يكن يحتاج قبل سبتمبر 2014م لأكثر من 8 مليارات دولار. تاسعاً: الوقوف ضد كافة التشكيلات المليشاوية خارج نطاق الدولة، والتي تشكل عائقاً أمام توحيد الجهود والإمكانيات لحسم المعركة لاستعادة الدولة اليمنية من سقطرى حتى صعدة. عاشراً: تأكيدنا على أن تنفيذ اتفاق الرياض يُعدُّ مدخلاً استراتيجياً مهماً لعودة الدولة بمؤسساتها وسلطاتها إلى العاصمة المؤقتة عدن، لتتمكن من بسط نفوذ الدولة والحكومة الشرعية في كافة المناطق المحررة، تمهيداً لاستعادة سلطة الدولة وبسط سيادتها على كافة أرجاء اليمن. ونرى أن ضمانات تنفيذ ما سبق تتمحور بما يلي: 1. خضوع قرارات الشرعية المصيرية للشراكة بين جميع المكونات السياسية والاجتماعية والأكاديمية. 2. مطالبة كافة القوى الوطنية والاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات وفي مقدمتها قياداتها إلى الالتحام بالجماهير والمشاركة في معركة التحرير وإستعادة الدولة. 3. تفعيل دور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد والمحاكم الادارية، وإحالة المتورطين بجرائم الفساد إلى القضاء. في الختام، يدعو المنتدى الأكاديمي الوطني جميع فئات وشرائح المجتمع اليمني إلى رصّ صفوفها للمطالبة بحقوقها والدفاع عنها، ونحن كأكاديميين وباحثين نقف مع شعبنا، ولن ندّخر جهداً، حتى تتحقق جميع مطالبه المشروعة، ولن تتوقف مساندتنا للجماهير الصابرة والمظلومة على إصدار البيانات، وإنما ستتجاوز ذلك إلى تقديم مبادرات حلول، واتخاذ خطوات تصعيدية بوسائل سلمية. عاش شعبنا اليمني المناضل.. والخزي والعار لتجار الحروب وأمرائها الفاسدين والمجرمين. الرحمة للشهداء وكل الضحايا الأبرياء والشفاء للجرحى والحرية للسجناء والأسرى والمخطوفين في كل أنحاء اليمن صادر عن المنتدى الأكاديمي الوطني – الجمعة الموافق 26 يونيو 2020م.