بدأت الحكايه عندما التحقت بكليه العلوم ، بعدما حصلت على مجموع عالى فى الثانويه العامه . ومنذ اليوم الأول فى الكليه وانا كل تركيزى هو الحصول على تقدير عالى من أجل الاستمرار فى رحله النجاح ، ولذلك كلما عبرت مرحله فى الكليه ، كنت أنظر إلى المرحله التى تليها مباشره . حتى وصلت إلى السنه الاخيره ، وكنت احلم باليوم التى تنتهى فيه الدراسه ، من أجل التخرج سريعا والبحث عن عمل . ولكن حدث شئ غير حياتى ، حيث ذات يوم تعرفت على شاب كان يعمل سائق تاكسى ، وعلمت من الحديث معه أنه خريج كليه حقوق ، ويعمل سائق تاكسي بشكل مؤقت حتى يعثر على وظيفه مناسبه ، وسريعا تطورت علاقتنا ، لدرجه أننى فوجئت أنه يطلب يدى للزواج ، بعد تعارفنا بشهرين فقط ! ولكنى رفضت مناقشه هذا الأمر حتى تنتهى الدراسه ، ومرت الايام وانتهت الامتحانات ، وفى اليوم الأخير للامتحانات تفاجات بهذا الشاب وعائلته فى منزلنا من أجل طلب يدى للزواج . وبالرغم من اعتراض عائلتى بسبب طبيعه عمله كسائق تاكسي ، ولكنى تمسكت به ووافقت عليه ، لاننى كنت اثق فى قدراته جيدا . ولذلك وافقت عائلتى فى النهايه ، وتمت الخطوبه مباشره وكان موعد الزفاف بعد ثلاثه شهور فقط ! ومرت الشهور سريعا وتزوجنا ، ومنذ اللحظه الاولى فى الحياه الزوجيه ، كانت حياتنا كلها سعاده وحب واهتمام ، لأنه كان انسان يحب الخير ويحب الحياه ، كان كل من يعرفه يحبه ويحب التعامل معه . ولذلك كانت الحياه الزوجيه سعيده ومستقره ، وتمتاز بالهدوء والتفاهم ، وأيضا كان لدينا عوامل كثيره مشتركه ، سواء فى التفكير أو الأهداف والطموحات ، وذلك كان يسهل الحياه كثيرا بيننا . ومرت الشهور وسنه خلف الأخرى ، حتى مرت عشر سنوات من الزواج ، تغيرت الحياه فيها كثيرا ، حيث أصبح معى ثلاث بنات ، كانوا هما كل حياتى . ولكن يبدوا أن الحياه لا تسير كما نتمنى دائما ، حيث فى يوم من الايام جاء لى خبر مثل الصاعقه التى قلبت حياتى رأسا على عقب ، حيث اخبرنى صديق زوجى ، أن زوجى تعرض إلى حادث سياره ضخم أدى إلى وفاته فى الحال ! وتحولت حياتى إلى ظلام فجاه ، حيث فقدت زوجى إلى الأبد ، كانت مشاهد جنازته حزينه وصعبه للغايه ، خاصه عندما يرحل جزء من روحك إلى الأبد ، وعندما دخل القبر ، كانت مشاعر من الحزن والقهر لايمكن وصفها . ومرت الايام بعد وفاته فى صعوبه وحزن كبير ، وقررت أن تكون حياتى للبنات فقط ، ولذلك كنت كل اسبوع نذهب انا والبنات إلى قبر زوجى لزيارته ، وكانت عاده اسبوعيه مستمره . وبعد وفاه زوجى بعام حدث شئ لايمكن توقعه ، حيث ذات ليله كنت نائمه وأثناء المنام جاء لى زوجى وكان يبدو عليه الحزن الشديد ، وعندما سئلته عن سر حزنه ، قال أنه يريدنى أن أنقذه ، وظل يردد اريدك أن تنقذينى . وبعد ذلك استيقظت ولكنى لم ادرك أو افهم المقصود من هذا الحلم . ولكن بعد مرور يومين تكرر نفس الحلم فى المنام ، وجاء لى مره اخرى وقال افتحى القبر لكى تنقذينى ، ولحظتها أستيقظت فى فزع وخوف . وفى الصباح سئلت إحدى مفسرى الاحلام ، فقال لى أن هناك شئ يحزنه ، ويجب معرفه ماهو . ولذلك اخبرت اخى أن يذهب معى إلى قبر زوجى . وبالرغم من محاولات اخى لتأجيل الأمر ، وكان ياخذ الأمور بااستخفاف شديد ، ولكنى كان لدى تصميم وإصرار على الذهاب وفتح القبر ، واتصلت بااحد العاملين فى المقابر ليأتى معنا . وبالفعل ذهبنا إلى القبر ، وأخبرت العامل أن يفتح القبر سريعا ، لمعرفه ماذا يحدث . وبعدما فتح القبر كانت المفاجئه صادمه ، لقد كان يوجد بالقبر الكثير من مياه الصرف التى أغرقت القبر من الداخل ، لدرجه ان جثه زوجى أوشكت على الاختفاء والتحلل وسط المياه . ولحظتها علمت أن زوجى كان رجل صادق العهد فى حياته ، وحتى بعد وفاته لذلك كان يريد إنقاذ جسده من هذه الكارثه ، وبالفعل جلبت العمال والمعدات اللازمه ، وتم نقل جسده إلى قبر اخر . وكان هذا هو الدرس الاعظم فى حياتى ، وتعلمت منه أن الخير يظل يلازم صاحبه حتى بعد وفاته .