لم يكن القضاء على ميليشيا الحوثي وإفشال مخططاتها يحتاج لأكثر من عدة أشهر تتوقف فيها الحرب لينكشف زيف خطابها السياسي وتتهاوى شعاراتها التي حرصت على تغليفها بالمبادئ الدينية والوطنية وحولتها إلى شركٍ لاصطياد الأبرياء والدفع بهم إلى محارق الموت في الجبهات، والاستناد عليها لشرعنة نهبها للمال العام والاستيلاء على المليارات من الدولارات من ودائع البنوك وإيرادات الدولة تحت مسمى مواجهة العدوان والدفاع عن السيادة وحماية الشعب اليمني الذي اجتهدت في اقناعه بأنه مستهدف من كل أمم الأرض. ميليشيا الحوثي التي صنعت الحرب دولتها واعتمدت على نزيف الدم اليمني في تعزيز وجودها وبنت مؤسساتها الخاصة وجيشها الخاص على أنقاض مؤسسات الدولة التي تحول تدميرها إلى أبرز أهداف معركة استعادة الدولة، تلقت خلال فترة اللاسلم واللاحرب، العديد من الضربات الموجعة التي تشير إلى أن الجماعة تعيش حرب استنزاف لم تتوقف عند حدود انكشاف مشروعها السلالي الطائفي وخسارتها للدعم والتعاطف الشعبي، بل أدت إلى اشتعال الخلافات بين الأجنحة المتصارعة والتي سيؤدي تفاقمها إلى تدمير الجماعة من الداخل. تباهي جماعة الحوثي بالانتصارات التي تزعم أنها حققتها على المستوى السياسي بعد اللقاءات مع الوفد السعودي العماني في صنعاء ودخولها في تفاهمات مباشرة مع الأممالمتحدة والقوى الإقليمية، وعلى المستوى الاقتصادي بعد رفع الحظر جزئيا عن مطار صنعاء وكلياً عن ميناء الحديدة، فجرت موجة من الغضب الشعبي ضد الجماعة التي لم تعد انتصاراتها المزعومة بأي نتيجة إيجابية يلمسها المواطنين، والذين فوجئوا بأن السفر عبر مطار صنعاء محصورٌ في قيادات الجماعة وعناصر مليشياتها والموالون لها، وأن زوال الأسباب التي كان يتحجج بها الحوثيون في ارتفاع الأسعار بعد تدفق السفن نحو ميناء الحديدة الذي أصبح يستقبل أكثر من (70%) من الواردات النفطية والغذائية، لم يقابله أي تراجع للأسعار التي تزداد تصاعداً كل يوم، الأمر الذي ولد قناعةً لدى المواطنين بأن جماعة الحوثي حولت الدولة إلى ملكية خاصة وأنها هي من تقوم بتجويع الشعب وتصنع مأساته وتنهب ثرواته. ووفقاً لمراقبين فإن جماعة الحوثي من خلال استعراضاتها العسكرية التي تقوم بها من حين لآخر واتجاهها نحو التصعيد العسكري وتوجيه مليشياتها لإشعال معارك استفزازية في العديد من الجبهات، تحاول لملمة أوراقها التي بعثرتها رياح الهدنة وتوحيد صفوفها المنقسمة بين الأجنحة المتصارعة، وإيهام المواطنين في مناطق سيطرتها بأن الحرب ما تزال مستمرة بهدف الحصول على التعاطف وتبرير جرائمها في نهب المال العام. وأشاروا إلى أن مثل هذه المحاولات لم تعد تجدي نفعا، وأن قناعات اليمنيين بحقيقة فساد الجماعة الحوثية التي تحولت إلى طبقة ارستقراطية مترفة داخل المجتمع المعدم، لم تعد تتقبل أي من تلك الأكاذيب أو تؤمن بزيف الشعارات التي اعتمدت عليها المليشيا في التسويق لأهدافها ومشاريعها، مؤكدين أن الحوثيين يقفون اليوم على صفيحٍ ساخن ينذر باندلاع ثورة شعبية لا يمكنهم احتواءها ومواجهتها..