يحبس ملايين المواطنين في جنوب أفريقيا أنفاسهم ترقبا لأي طارئ بسبب الوضع الصحي الحرج لرمز التحرر الأفريقي نلسون مانديلا، فمنذ أن أُدخل المستشفى بسبب التهاب حاد في الرئة، بدأ مواطنون يتقاطرون على مستشفى القلب وسط بريتوريا للتعبير عن التعاطف وللصلاة من أجله. ورغم شح الأخبار الواردة من داخل المستشفى، فإن مقربين من عائلة أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا مجمعون على أن حالته الصحية مستقرة لكنها حرجة. وتأكد الوضع الصحي الحرج للرجل بعد رفض عائلته السماح للرئيس الأميركي باراك أوباما بزيارته السبت، رغم حرص أوباما على ذلك، مما جعل الرئيس الأميركي يكتفي بلقاء بعض أفراد أسرة مانديلا. أبو الأمة يخيم الهدوء التام على أروقة المستشفى الذي يرقد فيه مانديلا منذ 22 يوما، لكن مدخله يضج بحركة الإعلاميين والمتعاطفين. تقول سالي (34 عاما) بعد أن وضعت باقة زهور قرب رسم لمانديلا عند مدخل المستشفى ‘لقد جئت هنا مع أبنائي لوضع هذه الزهور تعبيرا عن امتناني لأبي الأمة، لقد أفنى عمره في خدمة شعبه وآن الأوان أن يرتاح'. أما يوهان ألس، المنحدر من أقلية الأفريكانر البيضاء التي أخضعت البلاد لنظام الفصل العنصري بين 1948 و1994، فيقول وهو يداري الدموع ‘أنا أسكن بعيدا في محافظة الكيب الشرقي، لكنني أتيت هنا بأبنائي ليشهدوا هذه اللحظة. لقد كان ماديبا اسما للتحبب يطلق على مانديلا رمزا للقيادة والريادة والتجاوز، وهي مبادئ أتمنى أن يرثها جيلنا الشاب'. نسور متوثبة على بعد عشرات الأمتار من السرير الذي يصارع عليه مانديلا المرض، تقف عدة سيارات موصولة بالأقمار الصناعية تزود العالم على مدار الساعة بآخر المستجدات والصور عن وضع رجل يوصف بأنه من أكثر الشخصيات تأثيرا في القرن العشرين. غير أن اهتمام الإعلاميين بالحدث لم يلق القبول من الجميع، فقد وصفت عائلة مانديلا قبل أيام بعض الإعلاميين بأنهم ‘مجموعة من النسور'، في إشارة إلى توقعهم لحظة رحيل مانديلا في أي لحظة، ورغم أهمية مانديلا عالميا فإن ‘هناك مبالغة في الاهتمام الإعلامي بمرضه، خصوصا أن الرجل ترك السلطة منذ 14 عاما'، حسب رئيس مركز ‘أمك' للدراسات الأفريقية الشرق أوسطية، نعيم جنا. ويرى جنا في تصريحات للجزيرة نت أن الإعلام العالمي يبالغ في رسم صورة مانديلا رغم أن الرجل أكّد بنفسه ما أثبته الواقع أنه ما كان إلا جزءًا من حزب سياسي كان وراء كل القرارات التاريخية التي اتخذت في البلاد. يضيف جنا أن الأوروبيين يبالغون في رسم صورة إعجازية لمانديلا، وهي نظرة فيها شيء من العنصرية الدفينة التي تشير إلى عجز الأفارقة عن القيام بشيء إلا عن طريق مخلّص. الجزيرة