بدأت السعودية بإجراء اتصالات في اليمن من أجل تحقيق مصالحة عامة بين أطراف النزاع السياسي الذي اندلع في البلاد عام 2011، لا سيما بين الرئيسين السابق والحالي وحزب الإصلاح (إخوان مسلمون) بهدف مواجهة تقدم المتمردين الحوثيين الشيعة المدعومين من إيران. وأكد مصدر سياسي مطلع على الاتصالات السعودية، لوكالة فرانس برس، أن المملكة “تجري هذه الاتصالات لتحقيق مصالحة عامة بين أطراف أزمة 2011”. وأشار المصدر بشكل خاص إلى الرئيس السابق علي عبدالله صالح والحالي عبدربه منصور هادي والتجمع اليمني للإصلاح، وهو أكبر حزب إسلامي يمني، واللواء علي محسن الأحمر الذي انشق عن صالح، وزعماء آل الأحمر، القادة التاريخيين لتجمع قبائل حاشد النافذة. ورغم انتماء حزب الإصلاح لجماعة الإخوان المسلمين التي تناصب العداء للسعودية، إلا أن الحزب أظهر خلال الفترة الأخيرة رغبة في استمالة الرياض والتقرب منها. وتجلّى ذلك بوضوح من خلال رفع أنصار الحزب في الجمعة التي أطلقوا عليها اسم “دفاعا عن الجمهورية ووفاء لشهداء الجيش” صور العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأعلام المملكة العربية السعودية وهو ما اعتبر اعترافا إخوانيا متأخرا بالخطأ الاستراتيجي المتمثل في الإساءة للمملكة من قبل إعلام الإخوان خلال سنوات “الربيع العربي”. وفي ذات السياق طالب رئيس كتلة الإصلاح في مجلس النواب زيد الشامي بأن يعيد حزبه النظر في العلاقة مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام من خلال “فتح حوار مع المؤتمر من أجل الحفاظ على الثوابت التي يتفق عليها الحزبان وإعادة النظر في استمرار الحديث عن الرئيس السابق وتحميله أسباب كل ما يحدث اليوم وكذا إعادة تقويم انشغال وسائل الإعلام بذلك”. وأكدت مصادر سياسية متطابقة أن هدف التحرك السعودي يأتي “استشعارا للخطر الحوثي” و”مواجهة تمدد الحوثيين” المدعومين من إيران والذين باتوا يسيطرون على أجزاء واسعة من شمال اليمن، من صعدة في أقصى الشمال الغربي، وصولا إلى صنعاء. وبحسب هذه المصادر، فإن زيارة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى جدة الأسبوع الماضي أتت في هذا الاطار. وتمكن الحوثيون الأسبوع الماضي من السيطرة على عمران التي تبعد 45 كيلومترا فقط عن صنعاء، كما استطاعوا اقتحام مقر اللواء 310 الذي يقاتلهم منذ أشهر في المحافظة، فيما قتل قائده العميد حميد القشيبي المقرب من التجمع اليمني للإصلاح ومن اللواء علي محسن الأحمر. والحوثيون متهمون بأنهم يسعون للسيطرة على أكبر قدر من الأراضي في شمال اليمن تحسبا لإعلان اليمن دولة اتحادية بموجب نتائج الحوار الوطني. وأفادت مصادر قبلية أن مواجهات بين الحوثيين والقبائل الموالية للتجمع اليمني للإصلاح اندلعت ليل الاثنين الثلاثاء في منطقتي الصفرا وبراقش في محافظة لحج القريبة من عمران ما أسفر عن سقوط عشرة قتلى. وتبدو جماعة الحوثي على بينة من صعوبة مواجهة الموقف الإقليمي والدولي الرافض بشدة لاكتساحها مناطق يمنية، وتلجأ إلى المناورة لتليين تلك المواقف. وفي هذا الإطار جدّدت الجماعة أمس تعبيرها عن الاستعداد للانسحاب من المواقع العسكرية التي احتلتها بعمران. وقال محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لجماعة “أنصار الله” الحوثية إن مجموعة من أفراد اللواء التاسع مشاة قادمة من صعدة لاستلام المواقع العسكرية في جبل الضين ومحيطها، لكن مصدرا محليا بعمران قال لوكالة الأنباء الألمانية إن اللواء التاسع هو في الواقع قادم من صعدة، لافتا إلى أن الحوثيين هم المسيطرون على صعدة وهذا يعني أن اللواء التاسع هو في الأصل يتبع الحوثيين ولهذا السبب أبدوا تقبلهم لاستلام اللواء المواقع العسكرية بعمران وهمدان.