في الوقت الذي تواترت فيه الأنباء عن بدء تدريب الدفعة الأولى من الجيش السوري الحرّ في السعودية، وأنّ عناصر من الجيش السوري الحر وصلت فعلًا الى معسكرات أُعدت خصيصًا لهم في منطقة الحدود الشمالية، وأكّد الناطق الرسمي باسم الجيش السوري الحر العقيد مصطفى الفرحات هذه الأنباء؛ نفى العقيد هيثم عفيسي نائب رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر هذه المعلومات وأكد عدم صحتها، وأنّه لم تصل بعد عناصر من المعارضة السورية للسعودية، ممّا يدعو للتساؤل حول صدقية التصاريح المتضاربة من مسؤوليين في الجيش الحر، رغم أنّ تدريب السعودية لخمسة آلاف مقاتل سوري على أرضها، مُعلَن من قبل جهات رسميّة أمريكية سواء من الرئيس الأمريكي أو من وزارة الدفاع البنتاجون، أو من قبل وزير الخارجية الأمريكية. فهل تراجعت السعودية؟ أم تمّ إرجاء التدريب؟ أم ماذا؟ واشنطن: الرياض وافقت مسؤولون أمريكيون أكدوا -طبقًا ل”رويترز”- أنّ الرياض وافقت على طلب الرئيس الأمريكي استضافة معسكرات تدريب لمقاتلي المعارضة السورية في إطار خطة محاربة “الدولة الإسلامية” والتصدي لنظام الرئيس بشار الأسد. والبيت الأبيض أعلن رسميًّا أنّ الرئيس الأمريكي باراك أوباما والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز اتفقا خلال مكالمة هاتفية على “ضرورة وجود معارضة سورية أكثر قوة للتصدي لمتطرفين مثل تنظيم “الدولة الإسلامية”، وأيضًا لنظام الأسد الذي فقد كل شرعيته”. وطبقًا للمصدر نفسه -”رويترز”-، فإنّ أوباما وعد بتسليح المعارضة السورية وتدريبها في إطار خطته لمحاربة تنظيم”الدولة الإسلامية” رافضًا التعاون مع النظام السوري. تخصيص 500 مليون دولار وهناك تفصيلات أكثر باح بها مسؤولون أمريكيون، حول عدد الذين سيتم تدريبهم وأين؛ فقالوا إنّ المملكة العربية السعودية، ستستضيف داخل أراضيها بعثة أمريكية لتدريب مقاتلي المعارضة السورية، وتعتمد البعثة على موافقة الكونغرس الأمريكي على تخصيص 500 مليون دولار لتدريب وتسليح مقاتلي المعارضة السورية، وأن لدى واشنطن الآن تعهدًا من المملكة العربية السعودية، بأن تكون شريكًا كاملًا في ذلك الجهد بما في ذلك استضافة ذلك البرنامج التدريبي. مرحلة الإعداد الأولية وقال المتحدّث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) الأدميرال جون كيربي إنّ المملكة العربية السعودية ستسهم في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش”، عبر تدريب المعارضة المعتدلة السورية في معسكرات تدريب على أراضيها. واضاف أنّ برنامج التدريب سيبدأ قريبًا على أن تمتدّ مرحلة الإعداد الأولية إلى ما بين ثلاثة وخمسة أشهر، بينما عملية التدريب الفعلية ستستغرق ما بين ثمانية إلى 12 شهرًا، ليعودوا إلى سوريا للبدء في تنفيذ مهامهم داخل سوريا. وأوضحَ أنّ مهامهم ستشمل الدفاع عن المدنيين السوريين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، ثم التصدي لهجمات داعش داخل سوريا وهجمات النظام السوري. الناطق الرسمي للجيش الحر وجاء تصريح الناطق الرسمي باسم الجيش السوري الحر العقيد مصطفى الفرحات ليؤكد وصول الدفعة الأولى من مقاتلي الجيش السوري الحر إلى المملكة العربية السعودية لتلقّي التدريبات العسكرية، بإشراف عددٍ من الضباط السعوديين المتقاعدين من “أصحاب الكفاءة”، حسب وصفه ولكن بعد ساعات من هذا التصريح، جاء تصريح مناقض له تمامًا؛ حيث نفى العقيد هيثم عفيسي -نائب رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر- ما تردّد من أخبار حول وصول الدفعة الأولى من مقاتلي المعارضة السورية إلى المملكة العربية السعودية، لتلقّي التدريبات العسكرية على أيدي ضباط سعوديين. وأشار العفيسي إلى أنّ الناطق الرسمي استقى معلوماته من وسائل الإعلام، وليس هناك أيّ معلومات بخصوص تجهيز وإعداد عناصر من قوات المعارضة، لتدريبهم في إطار الخطة الأميركية، القاضية بتدريب مقاتلين من المعارضة. وفي نفس السياق، أكد ضابط كبير في المجالس العسكرية للجيش السوري الحر -رفض الكشف عن اسمه- نفيه التام لما قاله الناطق باسم الجيش الحر، مشيرًا إلى أنه لم يجرِ إلى الآن أيّ تنسيق مع الولاياتالمتحدة وسواها، بخصوص إرسال مقاتلين لتلقي التدريبات العسكرية في المملكة العربية السعودية، بينما هناك تحضيرات للوائح الدفعة الأولى من المقاتلين، وسيتم وضعها بعد عيد الأضحى القادم. وطبقًا لCNN، نقلًا عن مسؤول أمريكي قال إن: “السعوديين أعربوا لأوباما بشكل عام عن دعمهم الكامل لمهمة ضرب داعش”، مضيفًا: “دعمهم واضح جدًّا، وسيشاركننا في العمليات والتدريب، كما أن لدينا مساهمات من دول عربية شريكة ومهمة جدًّا أيضًا”. “هيومن رايتس” تنتقد بشدة ولكن مديرة الشرق الأوسط في منظمة “هيومن رايتس ووتش” لحقوق الإنسان، ومقرها لندن، سارة ليا واطسون، شنّت هجومًا عنيفًا على تدريب السعودية لعناصر من الجيش الحر، وانتقدت “واطسون” في سلسلة من المنشورات عبر حسابها بموقع “فيسبوك” الإعلان الأمريكي بالقول: “هل سيشمل التدريب في السعودية أيضًا عمليات قطع رأس؟ ومن الذي قطع رؤوسًا أكثر هذا العام؟ السعودية أم داعش؟”، في إشارة إلى أحكام الإعدام المطبقة في المملكة. وتابعت واطسون بالقول: “هل ستدرب السعودية الثوار في سوريا على القتال لأجل الحرية والديمقراطية أم لأجل محاربة العلويين والشيعة؟”. وأضافت “واطسون” قائلةً: “السعودية تدرب المعارضين على الديمقراطية في حين تحكم على سعوديين طالبوا بالأمر نفسه بالسجن لمدى الحياة”! وكان الرئيس الأمريكي باراك اوباما قد أعلن في وقت سابق أن عدد أفراد المعارضة الذين سيتم تدريبهم سيبلغ نحو 5 آلاف شخص، وقال المتحدث باسم البنتاجون إنّ برنامج تسليح المعارضة السورية يتضمن إمدادهم بأسلحة تكتيكية، وأسلحة صغيرة في المرحلة الاولى، على أنّ يتم تزويدهم بأسلحة أكثر تقدمًا في حالة إثبات قدراتهم في المستقبل، وأعلن أن عمليات التدريب ستنصب على إكسابهم القدرات الدفاعية الأساسية، وأعرب عن تقدير الولاياتالمتحدة لجهود الحكومة السعودية في تعزيز الجهود الدولية للتصدي لتنظيم داعش الإرهابي. يذكر أن الولاياتالمتحدة، ودولًا أخرى حليفة لها، بدأت بشن غارات جوية في سوريا، منذ 23 من الشهر الجاري، على مواقع لتنظيم داعش، الذي يسيطر على مساحات في شرق سوريا وشمالها، فضلًا عن سيطرته على مناطق واسعة في العراق.