أعلنت السعودية ضمن "رؤية 2030" أنها ستعمل على تطوير قطاع التعدين لتعزيز مواردها غير النفطية. وتخطط المملكة لزيادة المساهمة المحدودة الحالية لهذا القطاع في الناتج المحلي لتصل إلى نحو 26 مليار دولار في غضون سنوات. ظهر تقارير اقتصادية أن قطاع التعدين في السعودية من القطاعات الضامرة بسبب تدني مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، مع الأخذ في الاعتبار مساحة المملكة الشاسعة وثرواتها المعدنية المتنوعة. وحين أطلقت السعودية الأسبوع الماضي "رؤية 2030" كان من أهدافها تطوير قطاع التعدين ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 25.8 مليار دولار، بحلول عام 2020. وتهدف الرؤية إلى إجراء عدد من الإصلاحات الهيكلية في هذا القطاع وإطلاق مجموعة من المشروعات، بما في ذلك تكثيف الاستكشاف وتسهيل استثمار القطاع الخاص في هذا المجال ومراجعة إجراءات تراخيص الاستخراج، ورفع التنافسية والإنتاجية. وحسب تقارير أعدتها شركة "البلاد كابيتال" في أبريل/نيسان الماضي، تقدر قيمة موجودات شركة التعدين السعودية المملوكة للدولة "معادن" ب23.7 مليار دولار. وبلغت مبيعات "معادن" للعام الماضي 2.9 مليار دولار، وصافي الربح 161 مليون دولار. وتعد المملكة من أكبر الدول استغلالا للخامات المعدنية، حيث تزيد كميات الخامات المعدنية المستغلة سنويا عن 430 مليون طن، ويبلغ عدد الرخص التعدينية بكافة أنواعها 2052 رخصة شملت استغلال خامات الذهب، والفوسفات، والألمونيوم، والإسمنت، والجبس، والسيليكا، ومواد السيراميك، وغيرها. خريطة استثمارية يقول الخبير الاقتصادي عضو مجلس الشورى السعودي سابقا إحسان بوحليقة إن "المشاريع السائدة في هذا القطاع في السعودية في الغالبية هي مشاريع للاستفادة من الخامات كأكبر قيمة ثم بعد ذلك صناعات مبدئية مثل التنقية". وأشار بوحليقة إلى ضعف مساهمة التعدين مباشرة في الخزانة العامة من الإيرادات غير النفطية حيث تبلغ نحو 133 مليون دولار فقط. المملكة أعلنت الأسبوع الماضي "رؤية 2030" (رويترز) وحتى ترتفع مساهمة التعدين في الناتج المحلي في المرحلة المقبلة، يقول بوحليقة للجزيرة نت إن ذلك يتطلب إعادة التفكير "بإيجاد خريطة استثمارية تعدينية لكل مناطق المملكة برصد الثروات المعدنية في أنحاء المملكة وإقامة مشاريع ذات محتوى مرتفع أو قيمة مضافة والابتعاد قدر الإمكان عن الصناعات الاستخراجية البحتة". ويرى خبراء في الثروة المعدنية واقتصاديون أن تنوع المعادن في السعودية ومساحاتها الشاسعة ومنافذها المائية تغري المستثمرين الأجانب بالاستثمار في هذا القطاع. ومما يعطي المملكة ميزة أخرى في القدرة على المنافسة كما يقول نقيب الجيولوجيين الأردنيين السابق بهجت العدوان "توفر النفط الذي يساهم بشكل كبير في تخفيض كلفة الإنتاج وتوفر الطرق والموانئ لتسهيل عمليات النقل والشحن". وسعيا من السعودية لتشجيع الاستثمار الأجنبي في "رؤية 2030" ستعمل على تخفيف الإجراءات البيروقراطية الطويلة التي كانت تؤثر سلبا في حصول المستثمرين على الرخص التنقيبية والتعدينية. ونحو هذا يقول بوحليقة إن "إيجاد منظومة من الحوافز المالية وغير المالية لاستقطاب المستثمرين سيشجع الأجانب والمحليين". كما أشار إلى أهمية استثمار علاقات المملكة المميزة ضمن مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى في العالم، لاستقطاب شركات التعدين الضخمة. العدوان يدعو إلى اتفاقيات عربية لتحقيق تكامل تعديني (الجزيرة) المنافسة ويؤكد خبراء الاقتصاد والمعادن أنه لا مجال للمنافسة العربية مع السعودية في حال تطوير التعدين فيها، لا سيما في الفوسفات وصناعة الإسمنت، مع انخفاض كلفة الطاقة. وفي حديثه للجزيرة نت يعتقد العدوان أن إيجاد اتفاقيات عربية مشتركة للاستغلال الأمثل وإعطاء الأولوية للمعادن غير المكررة في دولة دون أخرى، هو سبيل لبقاء الدول العربية مسيطرة على الأسعار وعدم نضوب المخزون بسرعة. وأشار العدوان إلى أن الاتفاق السعودي الأردني الذي وقع في الرياض قبل أيام هو خطوة في الاتجاه الصحيح لإيجاد تكامل تعديني. ومع أن عدد العاملين في أكبر شركة مسؤولة عن عمليات التعدين بالسعودية لا يتجاوز 7125 موظفا، فإن الرؤية السعودية تهدف لتوفير تسعين ألف فرصة عمل بحلول 2020. ويرى مختصون في الموارد البشرية أن قطاع التعدين قادر بشكل كبير على توليد فرص عمل لائقة لطالبي العمل السعوديين إذ إنه سيهدف إلى توطين تقنيات التعدين وصناعاتها خاصة أن منشآت قطاع التعدين تنتشر في المدن الصغيرة التي يكون تواجد المنشآت العملاقة فيها محدودا. ويقول رئيس لجنة الموارد البشرية بغرفة الرياض التجارية المهندس منصور الشثري للجزيرة نت إن قطاع التعدين "يمتاز بأن جميع المنشآت العاملة فيه منشآت عملاقة، وتستخدم تقنيات متطورة في إدارة العمل، وفرص العمل لديها ذات أجور مرتفعة بمهارات عالية تعزز فرص الشباب السعودي في العمل".