من منا يستعذب الألم أو يستطيب الجوع والرعب وصنوف المعاناة ؟! . بكل تأكيد أن مثل هذا غريب وثقيل على الذات الانسانية ، فالمرء لا يحتمل العناء والنكد الا مجبراً ، والطبيعي في هذا السياق أن يكون شعور الإنسان متساوياً نحو نفسه وغيره من الآدميين فلا يقبل أن يتسبب في بؤس أو شقاء لأحد وأن يتمنى لسواه مثلما يشتهي ويرغب ، أما إذا تغاضى عما يقاسيه غيره فإن هذه السلبية الشائنة يطلق عليها ما يسمَّى بتجلمُد الضمير أو موات الشعور الإنساني ، وهذه تعد مصيبة بل وكارثة ، فموات الضمير أو الشعور تجاه آلام الآخرين جُرم بحاله ، أما الأسوأ من هذا الجُرم على الإطلاق فهو ما يطلق عليه بالسادية أو التلذُّذ السادي وهو بإيجاز ميول معاكس لشرائع السماء وناموس الإنسانية . وإذا كان مختصر السادية يكمن في استعذاب القتل ونهش الأوصال الآدمية فإنه يتوفر في واقعنا أيضا للأسف الشديد ما يتصل بهذه السادية ولكن بمستويات معينة كأن يتلذذ البعض بمعاناة الأشخاص الذين يكرههم وإلى مستوى التلمُّظ السادي بالمصيبة التي تحل بغيره ما دام هذا الغير يعد من الخصوم .
وأسوأ من هذا فداحة وإجراماً أن يستغل البعض جبروته ويسخره للأذى وإلحاق البلاء بغيره وبتصاعد مترافق بالإحساس بالاعتزاز بالإثم والشعور بالإغتباط اللامتناهي كلما أحس بازدياد تأوُّه وألم خصمه الذي يكون في غالب الأحيان لاحول له ولا قوة في مثل ظروف واقعنا حيث البعض يكيل للبعض ما يريد متناسي القول الخالد ( لا تكونوا قساة في أحكامكم على الآخرين لأنه سيكال لكم بالمكيال الذي به تكيلون ) .
والخلاصة لا تذهلوا كثيراً فالسادية مرض قديم جديد تدغدغه كوامن الشعور بالعظمة الزائفة ، حيث يخال للمصابين فيه بما ملكوا من قوة ومال أنهم أصحاب قداسة يستوجب مع من يتعرض لسوءاتهم السوداء أن يقتل أو يسجن ويجلد وفي أفضل الأحوال حذف معاش صغاره للاستمتاع بعويلهم وبتلذذ سادي ولكن من نوع آخر !! .