المناضل العتيق الذي أزحناه لتوّنا من السلطة قرّر أن يترجّل من خيل أحلام العودة إليها مجدداً، وعاد إلى ممارسة دور المخرّب الكبير..!. لم تكن الكهرباء غايتنا الأسمى؛ كان خيارنا إزاحته من السلطة وبعدها سوف تأتي كل الخدمات التي حُرمنا منها تباعاً، وسننعم بدولة تحترم مواطنها وتوفر له جميع حاجياته دون أذى أو من..!. هو عجز حتى الآن عن إكسابنا طعم اليأس من التغيير, وربما سيحتاج إلى ألف عام قادمة لكي يقنعنا بأفضليته قياساً بأداء السلطة الجديدة؛ لكنه لا يستطيع التوقف عن ممارسة التخريب، إشكالية كبرى بل كارثة أن يمثّل التنكيل بك وتعذيبك بالنسبة لشخص آخر أوكسجين حياة, ووصفة طبية دونها الموت، أليس كذلك..؟!. حسناً.. الكهرباء لن تعود إلى العمل قبل عيد الأضحى كما قال أمس مصدر في وزارة الكهرباء؛ نعاني من مشكلة الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي نتيجة تعرُّض أبراج الكهرباء لأعمال تخريب وتفجير، وهذه مسألة تخلق فينا الشعور أننا كشعب نعيش دون مستوى العيش اللائق بكائنات اّدمية دفعت كافة استحقاقات اللحاق بركب الشعوب المتقدّمة؛ ورغم ذلك لم تتقدّم خطوة واحدة في الاتجاه المأمول. في معظم كتب التاريخ والسياسة والأدب يحضر الصبر كقيمة سامية ووسيلة يلوذ بها الكبار لمواجهة وردع الظروف والأقدار السيئة، ويخلصون إلى الظفر بالنهاية التي تأتي عادة على شكل ظروف سعيدة تخلق الأجواء المواتية للشعور بالأمن والاستقرار والسرور الدائمين..!. نحن في اليمن تُهنا في زحمة الأقدار السيئة، وأخذتنا ظروفها على نحو بالغ الإذلال؛ ورغم ذلك نحن صابرون، ليس لأننا نؤمن بالقصص الواردة في بطون الكتب فنحن شعب لا نقرأ الكتب أو ربما لا نملك الوقت والمال الكافيين لكي نشتري كتباً ونقرأها بل لأن الصبر يبرز أمامنا كخيار وحيد في مواجهة جملة من المهدّدات تتحرّش بنا مستغلة عجزنا الفاضح عن امتلاك المقدار اللازم من القوة لردعها أو الهروب من بين فكي مخالبها المخيفة. ولأن الأقدار السيئة لا تصنع نفسها عادة؛ بل تأتي نتاجاً لتضافر جملة من العوامل والحيثيات اللازمة؛ فقد مثّل المناضل الوطني العتيق ونظامه البائد العامل الوحيد والحاسم في قودنا إلى مخالب هذه الأقدار؛ ثم تركها تنهش وتعبث فينا شقاء وبؤساً, حتى إذ ما قرّرت المشيئة القاهرة التدخُّل لمساعدتنا في التخلُّص منه؛ تحوّل ليمارس بنفسه دور هذه الأقدار، وعدنا إلى مربع التفكير في كيفية الخلاص مرة أخرى..!!. لا تلوموني على هذه الحدّة؛ فقد أكملت كتابة مقالتي هذه على ضوء الهاتف قُبيل فجر الخميس بعدما فاضت روح الشمعة الأخيرة لدي لتتركني وحيداً في مواجهة ظلمة المناضل العتيق أحاول التلذّذ بتعذيبه وصلبه فوق سطور ورقة بيضاء قدر ما أمكن بعدما صلبنا عقوداً ولايزال على حيطان الشقاء والبؤس والنكد والظلمة..!!. لا أود الحديث أكثر حول هذا الأمر؛ أو لعلّي فقدتُّ الرغبة في الاستمرار بالكتابة تماماً ك«غازيّة مأرب» المتوقفة عن العمل؛ كلانا فقد الرغبة في العمل والإنتاج، كلانا ضحية لرفسات المناضل العتيق, عدو الإنتاج والحياة والعمل والضوء. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك