قبل تحقيق الوحدة اليمنية المباركة كنت في زيارة لمدينة المكلا في محافظة حضرموت، حيث لم يكن هناك شيء اسمه سياحة ولا يوجد بالطبع فئة السياح ومن الطبيعي لا يوجد في مدينة المكلا من الفنادق سوى فندقين اثنين استولى الرفاق الحاكمون بقانون التأميم آنذاك عليهما من ملاكهما الحقيقيي.. ن هذان الفندقان هما فندق الشعب وفندق المكلا وآمل ألا اكون قد أخطأت في اسميهما.هذان الفندقان لا يصلحان اليوم ان يكونا فندقين في أفقر بلاد العالم ولكن ما العمل تلك كانت حالتنا قبل الوحدة.. بؤس وفقر وتخلف وجمود وهي عنوان حياتنا قبل الوحدة. واليوم وقد مضى على وحدتنا المباركة عقدان من الزمن فقد تغيرت أوجه الحياة وصورتها في كل المجالات وذهب البؤس وجاء التقدم والنمو والحراك الاقتصادي ، تغيرت صورة المكلا من نواحٍ كثيرة وهي ككثير من مدن اليمن وقراها استفادت من التغيير والحراك الاقتصادي التنموي ، هذا بالطبع نتيجة لتحقيق الوحدة اليمنية المباركة ونكران ذلك هو جحود بعينه ونحن والعقلاء لسنا من فئات الجاحدين والحاقدين ولكننا من الداعين للإصلاح ونقد أية قصور واختلالات توجد. ذلك التغير والانفتاح الوطني وحرية تحرك رأس المال الوطني والأجنبي هو أحد نتائج تحقيق الوحدة اليمنية المباركة ويجب ان نقر ونشكر رب العالمين على ذلك، فقد أتى رجال المال والأعمال من كل مكان ليستثمروا بأموالهم في السياحة « حيث حديثي هنا عن السياحة» وأنشأوا المنتجعات والشاليهات والفنادق بدرجاتها المتعددة في مدينة المكلا «على سبيل المثال» وكنت مسروراً أن اجد كل الدرجات الفندقية موجودة كل حسب قدرته المادية وقد حالفني الحظ ان اسكن في أفضلها وأرقاها درجة مثلما أقيم عندما أقوم برحلة عمل أو سياحة في الدول الأخرى وشتان الآن بين فندقين قبل الوحدة اليمنية وعشرات الفنادق على كل المستويات هذا فقط في المكلا. تلك المقدمة لابد من ذكرها حتى نعرف حقيقة الماضي وكيف كنا والحاضر وكيف اصبحنا.. لكن هل يكفي ان نذكر الماضي بتعاسته وسواد تاريخه ونتغنى بالحاضر وتقدمه ؟ كالذي يمدح تاريح أجداده ويتغنى ليل نهار أننا كنا كذا وكذا وننسى المستقبل دون ان نستعد لمفاجآته؟ ودون ان نعمل شيئاً لتلافي المصاعب والمعوقات التي تظهر بين فترة وأخرى لتدمير البنية السياحية التي انجزناها في العشرين سنة الماضية. في لقاء بيني وبين مدير أحد الفنادق الكبيرة في مدينة المكلا هذا الأسبوع شكا لي بحرقة المصاعب الكبيرة التي تواجه كل الفنادق وخصوصاً الفنادق ذات الأربعة نجوم والتي تضم العشرات من العاملين اليمنيين حيث ان بعض المصاعب مصدرها السلطة التنفيذية وهيئاتها وليس سوق السياحة وما يعتريه من أحداث حيث لاشك ان أية أحداث سياسية وجرائم اختطاف السياح والاعتداء على السياح يؤثر بشكل كبير.. مباشر وغير مباشر على قدوم السياح إلى اليمن وبالتالي على حركة السياحة والاستثمارات السياحية في اليمن عامة وكذلك الأزمة المالية العالمية أثرت بشكل مباشر على حركة السياحة الدولية ليس في اليمن فقط بل في كل المناطق السياحية العالمية والأرقام الدولية لتنقل السياح في السنتين الماضيتين تثبت ذلك ومن المؤكد ان كثيراً من الفنادق في العالم قد اغلقت. أعود فأقول واضيف: ان هناك ملاكاً لبعض الفنادق في المكلا قد اغلقوها بسبب تراكم الخسائر التي لحقت بهم جراء كل تلك المصاعب التي ذكرتها والتي مصدرها أحداث محلية ودولية ولم يبق لدينا سوى بضع فنادق فقط ذات درجات عالية نفتخر ان تكون باقية وصامدة أمام كل تلك الصعاب المادية والصعاب الإدارية المحبطة. مدير الفندق هذا صرح لي أن الفندق الذي يديره منذ سنة ونصف في خسائر متراكمة لا يتسطيع معها ان يضمن استمرارية تشغيله في ظل وضع مادي متردٍ تتسبب به الجهات المعنية بالسياحة بشكل مباشر وغير مباشر. ان لمن المؤلم ان تكون هذه الجهات غائبة عن هذا الأمر ولا تحرك ساكناً لإنقاذ هؤلاء المستثمرين ومساعدتهم ودعمهم أو حتى مناقشتهم عن الآلية التي يجب ان تتخذ لمساعدتهم على الاستمرار في تقديم الخدمات للمواطنين والزائرين والسياح من كل مكان. إنه لمن المؤلم حقاً ان لا نعير أي اهتمام بتخفيض فاتورة الكهرباء القاصمة للظهر لهذه المنشآت السياحية الراقية والمتواجدة في المناطق الساحلية والتي لو حسبناها لوجدنا فاتورتها تكفي لمرتبات بضعة أشهر للعاملين في تلك المنشآت حسبما ذكر لي ذلك المدير. وكذلك من المؤلم حقاً ان يكون المسئولون المعنيون في غياب تام عما يعانيه أصحاب تلك الفنادق ولا يتم عقد أي اجتماعات بين هؤلاء المسئولين ومدراء الفنادق «كما قيل لي» لتلافي قرارات إغلاق تلك الفنادق وبالتالي إيقاف العمل فيها وما يستتبعه من زيادة اعداد العاطلين عن العمل، وحقيقة لا ادري أين سيذهب هؤلاء أو أين نريدهم أن يذهبوا نتيجة هذا الإهمال في التواصل بين الجهات المعنية وملاك المنشآت السياحية؟! لقد فوجئت بمدير الفندق الذي ذكرته وهو يقول لي: انه لم يحدث ان تم عقد أي اجتماع بين القائمين على المنشآت السياحية والجهات المعنية بالجانب السياحي لتدارس هذا الوضع الخطير وكان من المفروض ان يتم تقديم الدعم والمساعدة لهذه المنشآت في هذه الظروف الاقتصادية السيئة وأن يتم التعامل مع تلك الفئات بعقلية استثمارية مشجعة وليست محبطة وفقاً لمتغيرات الظروف وليس للأبد حتى يعرف المستثمر انه في مأمن من الخسائر ومثل هذا التصرف ليس الغرض منه الربح للمستثمر ولكن الحفاظ على وظائف شريحة كبيرة من العاملين في المجال السياحي والحفاظ على مستقبلهم في وطنهم. حقيقة اتمنى من الجهات المعنية ان تعي ان هذا واجبها أو من صميم واجباتها فتح آفاق جديدة لتوظيف اليد العاملة وليس قطع الأرزاق وهي تتفرج دون ان تحرك ساكناً واتمنى ان تكون هناك لقاءات مستمرة وبشكل دوري بين مسئولي الجهات المعنية وملاك المنشآت السياحية للتدارس بينهم حول الأوضاع السياحية والعمل على تذليل أية صعوبات تستهدف استنزاف المستثمرين ‑‑‑‑، وكلي أمل ان تتحرك الجهات المعنية في اتجاه دعم المنشآت السياحية دعماً للسياحة وليس إهمالها؟