لم يكن ثمة شك أن الناشطة السياسية توكل كرمان قد استحقت جائزة نوبل كمكافأة لنضالها ووقوفها إلى جانب الشعب اليمني، وهو الأمر الذي اعتبره كل عربي مصدر فخر ورصيدا يضاف إلى نضال الشعوب العربية من أجل الحرية والكرامة، كما يضاف إلى رصيد اليمن الشقيق الذي ظل رغم ما له من مكانة تاريخية يعاني من الاضطراب والفقر والتخلف على أكثر من صعيد. فوز توكل كرمان كان ثمرة نضالها، غير أن هذا الفوز الذي فاجأ الجميع، وفاجأ توكل نفسها، لم يمكنها من تطوير وعيها السياسي، فتحول مفهوم الحرية لديها إلى مجرد شعار وهتاف مفرغ من مضمونه تردده بمناسبة وبغير مناسبة، حتى ولو كانت تلك الحرية مجرد فرصة تمنح للجماعات المتطرفة التي تسعى إلى استعباد الشعوب ومصادرة الفكر وخنق الحريات، وتحولت كرمان من مناضلة تخرج في ساحات الاعتصام في صنعاء إلى مجرد مغردة ينتهي نضالها عند تغريدات تطلقها عبر تويتر تذكر الناس بها كي لا ينسوا أن ثمة فتاة يمنية فازت بجائزة نوبل ذات ربيع لا يزال بلدها منتظرا ما يسفر عنه.
توكل كرمان قفزت فوق واقع بلدها ومعاناة مواطنيها، فلم تلتفت لمعاناة الشعب اليمني الذي تفتك به هجمات الإرهابيين ومخططات القاعدة، ولم يعنها مروق الحوثيين على نظام بلدها وما قاموا به من اجتياح لمدن ومحافظات آمنة فروعوا سكانها قتلا وتشريدا، كما لم يعنها صراع القبائل ودعوات التقسيم وفقر اليمنيين وتخلف التنمية، قفزت فوق ذلك كله كي تنصب نفسها مدافعة عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر، مناضلة دون حقوقهم مطالبة بحريتهم، مطلقة شعارات لا تليق بالوعي الذي من المفترض أن يكون مؤسسا على الواقع السياسي وتداخل خيوط اللعبة في معترك الخلافات السياسية التي تعصف بالعالم العربي وبمصر على نحو محدد.
من تلك الشعارات التي أطلقتها تلك التي جاءت في آخر تغريداتها حين قالت (أعترف وأقر أنني ارتكبت ذات الذنب الذي ارتكبه 683 شخصا من أحرار مصر، المحكوم عليه بالإعدام) .
وبصرف النظر عن الحكم بإعدام هؤلاء، فإن ما قامت به توكل هو اختصار قضيتهم في مجرد المطالبة بالحرية، وذلك اختصار لا ينم عن وعي سياسي بقدر ما يكشف عن تحريف للوقائع يمكنها من إطلاق شعاراتها والظهور بمظهر المناضل الأممي الذي يطالب بحرية جماعات وشعوب لا تنتمي إليه ولا ينتمي إليها.